بخلاف الطريقة التي تعاملت بها قيادة حزب التجمع الوطني للأحرار محليا ومركزيا مع ملف البرلماني من نفس الحزب رشيد الفايق عقب اعتقاله ضمن ملف”شبكة مافيا العقار بأولاد الطيب”، حيث سارع أخنوش إلى إعلان تجميد عضويته و عزله من مهمة المنسق الإقليمي للأحرار، يبدو أن عمدة مدينة فاس التجمعي عبد السلام البقالي نجا بجلده من هذه المسطرة عقب ورود اسمه ضمن المتهمين الـ13 المتابعين ضمن الملف الذي بات يعرف إعلاميا، بشبكة “الفساد المالي والإداري لجماعة فاس”، وهي القضية المعروضة على غرفة جرائم الأموال الابتدائية لدى محكمة الاستئناف بفاس.
واستنادا للمعلومات التي حصلت عليها”الميادين نيوز”من مصادرها الخاصة، فإن عمدة فاس البقالي يحظى بتتبع لملفه من قبل مسؤولي حزب التجمع الوطني للأحرار محليا ومركزيا، حيث عمد البقالي إلى استعمال”اللباقة” تحسبا لأي طارئ خلال “ابعاده” لثلاثة محامين عن مؤازرته، والاكتفاء بمحام واحد، وذلك بعدما حضر معه المحامون الأربعة خلال جلسة التقديم أمام النيابة العامة لدى محكمة الاستئناف بفاس، و كذا الجلسة الأولى من محاكمته والتي جرت أطوارها في 17 أكتوبر الماضي، أي عقب إحالة القضية على غرفة جرائم الأموال الابتدائية بنفس المحكمة.
وزادت نفس المصادر، بأن الخطوة التي أقدم عليها عمدة فاس وهو يخبر ثلاثة من محاميه بملتمس الانسحاب من فريق دفاعه، جاء وفق ما نقلته مصادر الجريدة، تنفيذا لأوامر تلقاها العمدة المتهم المتابع في حالة سراح، من مسؤولين بحزب الحمامة، والذين نصحوه بحسب ما يبدو بعدم قبول مؤازرة محامين لهم انتماء سياسي وسبق لهم بأن ترافعوا في قضية البرلماني المعتقل رشيد الفايق.
وشددت أوامر مسؤولي حزب أخنوش الموجهة لعمدة فاس البقالي من نفس الحزب، على احتفاظه بمحاميه الحالي، وهو نفس المحامي الذي سبق له بأن غضب من رئيس الجماعة المتهم، وذلك بعدما جرى اقصاؤه من فريق المحامين المكلفين من قبل جماعة فاس للدفاع عن مصالحها أمام المحاكم.
وبخصوص إصرار عمدة فاس و مسؤولي حزبه ممن “أفتوا” له بإبعاد ثلاثة محامين من فريق دفاعه، أظهرت المعطيات التي استقتها”الميادين نيوز”من مصادرها، بأن حزب الأحرار بات قلقا على الوضعية الجنائية لرئيس جماعة فاس التجمعي و مقعده، حيث يتخوفون من إدانته بعقوبة حبسية أو سجنية في حال قررت النيابة العامة طلب إضافة تهم جنائية له، خصوصا أن رئيس جماعة الحاضرة الإدريسية، والمتابع بجنحة “عدم التبليغ عن جرائم يعلم بحدوثها “لا تعكس بحق حجم خطورة الاعترافات التي دونها المحققون من الفرقة الجهوية للشرطة القضائية، خلال أبحاثهم التي أجروها في الجزء المتعلق بسندات الطلب موضوع الأفعال الجرمية المنسوبة للمتهمين الـ13 المتابعين في هذه القضية، ومن بينهم رئيس الجماعة.
تزفيت جزء طرقي محاباة لأصدقاء العمدة
هذا و كشفت أبحاث وتحقيقات الفرقة الجهوية للشرطة القضائية بفاس و نظيرتها الفرقة الوطنية بالدار البيضاء وكذا استنطاق النيابة العامة للمتهمين، عن وجود أفعال جرمية تورط فيها العمدة تكتسي طابع تبديد أموال عامة وإهدارها، وكذا منحه منفعة مادية لفائدة مقاولة كاتب مجلسه عن طريق التحايل على القانون، ومحاباة رئيس الجماعة لأصدقاء له من خلال تبديده للمال العام، حيث اعترف عمدة فاس البقالي بأن سبب إصدار الجماعة لسند الطلب بقيمة تقارب 20 مليون سنتيما، والمخصص لتزفيت المقطع الطرقي المحسوب على النفوذ الترابي لمقاطعة سايس، تحكمت فيه رغبة رئيس الجماعة لمحاباة عدد من أصدقائه المقيمين بالعمارات المتواجدة بهذا المقطع وكذا أصحاب المقاهي والمطاعم، والذين استعطفوه كما قال.
واعترف البقالي للمحققين، بأن عملية الصيانة والتزفيت تمت في غياب دراسة تقنية قبلية، على اعتبار أن عملية التعاقد، يضيف رئيس الجماعة في اعترافاته، تمت بشكل مباشر عبر منح سنط الطلب لشركة أحد أقرباء كاتب مجلس نفس الجماعة سفيان الدريسي، والذي قام في خطوة خطيرة، بتحديد الغلاف المالي المخصص لتزفيت المقطع الطرقي لمقهى”بلانطو”بطريق عين الشقف، وهو ما تسبب بحسب استنتاجات المحققين في تبديد وهدر المال العام في مقطع طرقي صغير يوجد في وضعية أحسن من مقاطع طرقية أخرى، كما أن المبلغ المرصود كان سيكفي لصيانة مساحة أكبر بأحد أحياء مدينة فاس، كما أن أبحاث المحققين أثبتت بأن الغلاف المالي المخصص لهذا السند والذي حدده كاتب المجلس لفائدة شركة ابن شقيقته مبالغ فيه، بالنظر للأشغال المنجزة والتي عاينها محققو الـ”BRPJ”بفاس.
فضيحة كراء السيارات
من جهة أخرى اعترف العمدة البقالي في محاضر الشرطة والنيابة العامة، بأنه هو من قام بإصدار سندين للطلب بقيمة اجمالية بلغت 40 مليون سنتيما، تهم كراء سيارات من إحدى الشركات بفاس لفائدة نواب الرئيس ومسؤولي عدد من مصالح الجماعة، حيث تعاقد الرئيس بشكل مباشر مع هذه الشركة، متسببا في تبديد وهدر للمال العام، علما ان نوابه ومسؤولي مصالح الجماعة ليسوا في حاجة لسيارات الخدمة ما دام أنهم يتلقون تعويضات مالية عن التنقل والتمثيل، فيما تبقى سيارة الخدمة من حق من لا يتلقى هذه التعويضات.
سندات للطلب ورسائل استشارية صورية
اعتراف ثالث ينتظر أن يعقد من وضعية البقالي خلال مسائلته من قبل المحكمة أثناء المناقشة، قوله بالتعاقد مع شركات في إطار سندات للطلب، على الرغم من أنه يوقع على الرسائل الاستشارية، كما اعترف بذلك للمحققين، والذين اعتبروا ذلك غدرا و تحايلا على القانون، على اعتبار ان الرسائل الاستشارية الموقعة تبقى صورية، مما يجعل الشركة عند شعورها بانها ضامنة للظفر بسندات الطلب، تلجا على رفع أثمنة خدماتها المقدمة لفائدة الجماعة، وفي ذلك هدر وتبديد للمال العام، يورد المحققون في استنتاجاتهم بعدما انهوا بحثهم مع المتهمين المرتبطين بملف سندات الطلب من بينهم العمدة ونائبه المعزول و موظفي الجماعة وعلى رأسهم رئيس مصلحة الصفقات والأشغال.