يبدو أن قدر جماعة فاس قد أجبرها على “التطبيع”مع تناسل الفضائح والزوابع ، حيث لا تكاد تنتهي قضية حتى تظهر أخرى جديدة، وهذه المرة بسبب أرشيف مصلحتي التعمير والوعاء الضريبي، حيث يتداول الموظفون بجماعة فاس ومقاطعاتها على نطاق واسع هذه الأيام تعرض جزء مهم من أرشيف المصلحتين خصوصا مصلحة الوعاء الضريبي لعملية إتلاف جرى نسبها للأمطار التي عرفتها المدينة بداية الأسبوع الجاري.
وفي هذا السياق كشفت مصادر”الميادين نيوز”، بأن جماعة فاس تسودها منذ بداية الأسبوع الجاري، زوبعة كبيرة بسبب الواقعة المفترضة لتعرض جزء من أرشيف مصلحتي التعمير والوعاء الضريبي لأضرار بليغة، وذلك بسبب تسرب مياه الأمطار التي تهاطلت على مدينة فاس يوم الإثنين الماضي، وهو ما نتج عنه وفق نفس المصادر، إتلاف ملفات عقارات ترتبط بالضرائب المستحقة عن الأراضي غير المبنية أو ما يعرف اختصارا وسط عامة الناس بضريبة “TTNB”، فيما لم تسلم ملفات التعمير من نفس فرضية اتلافها بسبب الأمطار المتسربة لمكان تخزينها.
من جهتها أفادت مصادر متطابقة، بأن رئيسي مصلحتي الوعاء الضريبي والتعمير لدى جماعة فاس، سارعوا مؤخرا إلى إخبار رئيس الجماعة عبد السلام البقالي بموضوع تعرض جزء من أرشيف المصلحتين للتلف والضرر، حيث ربط ذلك في تقارير تحدثت عنها مصادر الجريدة، بتسرب كمية من مياه الأمطار لمكان تخزين الأرشيف بالمصلحتين.
و كشفت ذات المصادر، عن حالة ارتباك وتخبط رافقت عملية الإخبار بتعرض أرشيف مصلحتي التعمير والوعاء الضريبي بجماعة فاس للتلف بسبب تسرب مياه الأمطار، وذلك بعدما شكك أكثر من مصدر في العملية، بمبرر أن تقارير تضرر الأرشيف طالتها شكوك بوجود تسربات للمياه والتي تسببت في اتلاف الأرشيف، ومبرر المشككين يقوم على أن الأمطار التي تهاطلت على مدينة فاس فجر يوم الإثنين الماضي 30 أكتوبر المنصرم، لم تكن بالكمية الغزيرة و التي من شأنها أن تحدث فياضات جارفة قد تغرق مقر جماعة فاس و تصل على أماكن تخزين الأرشيف، حيث أن كمية الأمطار كانت متوسطة ولن تصل على درجة طوفان مائي قد يحدث كل هذه الأضرار.
تسرب للأمطار..أم إتلاف مدبر؟
من جانبها تساءلت مصادر أخرى في اتصالها”بالميادين نيوز”، عن سر تضرر أرشيف مصلحتي مهمتين دون غيرهما من تسربات مياه الأمطار والتي أتلفت أرشيفهما، وهو ما بات يطرح فعلا أكثر من تساؤل بخصوص هذه الحادثة الأغرب من الخيال، خصوصا وأن أرشيف المصلتين يهم ملفات التعمير و الوعاء الضريبي، وهي ملفات تكتسي أهمية كبيرة وخطيرة في تعاطي جماعة فاس ومسؤوليها معها، باعتبارها ملفات ذات العلاقة بقطاعين يشكلان عصَب تدبير ملفات الشأن العام المحلي المرتبط بالتعمير والبناء و كذا الأراضي والعقارات المبنية و غير المبنية والتي تعول على ضرائبها الجماعات الترابية ومنها جماعة فاس لاستخلاص ضرائب تشكل أحد أهم المداخيل المالية ضمن رسوم جبايات الجماعة، وتحديدا الضريبة على الأراضي غير المبنية المشهورة اختصارا بـ”TTNB” والتي تصل أحيانا إلى عشرات الملايين، خصوصا تلك المملوكة أو المقتنية من قبل الشركات العقارية العاملة في البناء أو المتخصصة في بيع وشراء الأراضي.
هذا ويبقى الأخطر في فرضية اتلاف جزء من أرشيف الوعاء الضريبي بجماعة فاس نتيجة تسرب مياه الأمطار المزعومة حتى الآن في انتظار خروج عمدة المدينة عن صمته، (يبقى الأخطر)هو ما قد يتسبب فيه ذلك، من ضياع مداخيل مالية ضخمة مرتبطة بالضرائب المستحقة لجماعة فاس والمفروضة على الأراضي العارية و غير المبنية، خصوصا إذا كانت وثائق جزء من الأرشيف المتلف غير مثبت في منظومة المعالجة الرقمية لملفات الوعاء الضريبي والتي انطلقت في عموم الجماعات الترابية سنة 2017 بقرار من وزير الداخلية آنذاك.
هل سيخرج عمدة فاس لتقديم روايته؟
وفي انتظار رواية مسؤولي جماعة فاس و سلطات الوصاية بمصالح الوالي سعيد ازنيبر بخصوص واقعة الاتلاف المقصود المفترضة أو الإتلاف العرضي بسبب تسرب مياه الأمطار المزعومة، يبقى الحديث عن هذه الزوبعة الذي أثارها أرشيف مصلحتي التعمير والوعاء الضريبي للجماعة، أمرا خطيرا يسائل رئيس جماعة فاس عبد السلام البقالي باعتباره الممثل القانوني و المسؤول عن أي اتلاف للأرشيف، وكذا المدير العام للمصالح محمد الذهبي والذي يتحمل ووفق مقتضيات القانون التنظيمي 113.14 المتعلق بالجماعات، ضمن مهامه في التدبير الإداري لمصالح الجماعة، حرصه على حفظ أرشيف الجماعة ومسك سجل محتويات أملاك الجماعة، والوثائق والقرارات الصادرة عن المجلس.
يذكر أن المدير العام للمصالح لدى جماعة فاس محمد الذهبي، عايش ضمن مهامه للتدبير الإداري منذ فترة 76 حتى الآن سبع رؤساء تناوبوا على تسيير شؤون مدينة فاس والتي تراوح نظام تسميتها ما بين بلدية فاس مرورا بالمجموعة الحضرية ووصولا إلى جماعة فاس، حيث كانت بداية اشتغال محمد الذهبي بمصلحة الكاتب العام مع الاستقلالي بن سالم الكهون(1976-1983) و بعده الاتحادي الفيلالي بابا(1983-1992)، ثم الاستقلالي أحمد مفدي(1992-1997)، خلفه الفيلالي بابا لولاية ثانية(1997-2003)، لينتقل الملازم للتدبير الإداري لنفس الجماعة محمد الذهبي إلى مرحلة الاستقلالي حميد شباط لولايتين (2003-2015) ، وبعده إدريس الأزمي الإدريسي عن حزب العدالة و التنمية(2015-2021) ووصولا إلى عمدة جماعة فاس الحالي عبد السلام البقالي عن حزب التجمع الوطني الأحرار.
هذا وقد ارتبط اسم محمد الذهبي، بواقعة إقدامه على إغلاق الشباك الوحيد بملحقة جماعة فاس القريبة من ساحة فلورانس في تراب مقاطعة اكدال، و الخاص بالتعمير وخصوصا ضريبة الأراضي العارية الـ”TTNB” ، مستغلا حينها فترة البياض التي أعقبت نتائج اقتراع 8 شتنبر 2021، حيث أصر على أعادة هذا المرفق إلى مكتبه المركزي بمقر الجماعة، حيث يقوم هناك بتركيز كل الملفات بنفس المكتب والذي أحكم تدبيره عبر تزويده بنظام ولوج رقمي عال السرية، وهو ما تسبب في إجهاض تجربة الشباك الوحيد الشفاف والذي أحدثه عمدة فاس السابق ادريس الأزمي، عندما أمر خلال ولايته بنقل هذه المصلحة من مقر الجماعة إلى أحد أروقة ملحقة جماعة فاس بساحة فلورانس تكريسا منه كما قال حينها، لمبدأ الشفافية في تدبير ملفات الوعاء الضريبي والتي ترتبط بالضريبة على الأراضي العارية واستصدار الإبراء الضريبي عليها، وما رافقها على عهد العمدة الأسبق حميد شباط من فضائح وتلاعبات ضيعت على خزينة الجماعة عشرات الملايين.
تنبيه وتحذير : ((كل حقوق النشر محفوظة، يمنع منعا باتا استنساخ أو نقل أو نشر المواضيع والمقالات والفيديوهات المنشورة على موقعنا الإلكتروني، أو في قناتنا على”اليوتوب”، وذلك سواء بشكل كلي أو جزئي، أو ترجمتها إلى لغات أخرى بهدف نقلها إلى الجمهور عبر أي وسيلة من وسائل النشر الإلكترونية أو الورقية… وكل مخالف لذلك في غياب أي إذن من الإدارة سيعرض نفسه للمتابعة أمام القضاء وفق القوانين الجاري بها العمل)).