تحركت مؤخرا عدة جهات مسؤولة بجهة فاس مكناس لبحث التلوث الخطير الذي يضرب وادي فاس منذ سنوات.وقد حاول المجتمعون،تحت ضغط المجتمع المدني، تشخيص انواع التلوث ودرجاته ووضع خطط لمعالجته.
وتم التاكيد على ضرورة تعبئة جهود ووسائل كل الجهات لإيقاف النزيف وإعدة وادي فاس إلى الحياة، واد كان يسمى عبر التاريخ وادي الجواهر لما كان يوفره من مياه عذبة تنشر الحياة على ضفافه شرابا وسقيا ومتعة.
وإذا كانت اللجن المجتمعة قد ركزت على التلوث الناتج عن مخلفات البناء والنفايات المنزلية والصناعية،فإن خطر انتشار نبتة مستوردة في ضروف غير معروفة،لم يحتل في نظرنا الاهمية التي تستحقها..
ويتعلق الأمر بنبتة بيستيا Pistia-» وهي نبتة خطيرة تنتشر بسرعة صاروخية بواد فاس، مهددة البيئة بسهول سايس و الغرب و كل حوض سبو.
النبتة/ الكارثة تحمل اسم «بيستياPistia-» ومعروفة علميا باسم: «PistiaStratioles L ” وهي ذات لون اخضر يميل إلى الرمادي،و أوراق تتراوح دائرتها ما بين 5 و 25 سم، لها عروق رقيقة طويلة غارقة في الماء .
والنبتة تطفو على سطح الماء و تتكاثر عبر الحبوب أو الأوراق والعروق، وبواسطة الضوء والماء.وخطورتها تكمن في أن حجمها يتضاعف مرتين الى ثلاث في ظرف أسبوعين.
مصدر النبتة
هي متواجدة في جنوب القارة الأمريكية، وكذا الإفريقية،وخصوصا الجنوبية
والاستوائية، وأساسا بلدان الولايات المتحدة الأمريكية
واستراليا وبعض دول جنوب الصحراء…
ولكن لحد الآن لا أحد يعرف من أدخلها إلى رأس الماء بسهل سايس، لأن استيرادها ممنوع قانونيا، و حسب القرار رقم 04-382 بتاريخ 2012 .
خطيرة على البيئة
العودة إلى الدراسات العلمية المنشورة تؤكد أن «بيستيا» نبتة مائية وبرمائية، تعتبر من أخطر النباتات على الصعيد الدولي، ولذا يمنع إدخالها إلى عدد من الدول. و لانتشارها انعكاسات خطيرة على الجوانب البيئية والسوسيواقتصادية والصحية ….
وهي تسبب أيضا تلوثا كبيرا يصيب بالأضرار الفرشة المائية، ويمكنها خنق قنوات السقي في المناطق التي تصل اليها … وقد تقضي على الضيعات والأغراس الفلاحية منها والغابوية .وكذا القضاء على الفرشات المائية والكائنات المجهرية والتنوع البيئي.وتسبب في انتشار الناموس وبالتالي الأمراض.
محاربتها .. ودور
القطاعات المعنية..
ينصح المختصون بمواجهتها بسرعة يدويا وكذا بواسطة الآليات والاقتلاع، و جمعها و تيبيسها وحرقها، ويوصون بمحاصرتها بمجرد اكتشافها.غير أن الحل الجذري حسب الخبراء، وفي مقدمتهم منظمة الدولية الفاو FAO ، فهو العلاج البيولوجي.
لقد تحركت القطاعات المعنية في البداية خاصة لونصا والمياه والغابات. إلا أن العمل توقف في نهاية 2015.
خلصت العمليات الميدانية إلى ضرورة تضافر جهود جميع القطاعات المعنية في الاستمرار في محاربة الآفة بالطريقة البيولوجية التي أبانت عن نجاعتها، وكذا بالوسائل الأحرى التي نجحت في دول أخرى. ولم تتحرك الجهات المعنية من جديد إلا سنة2017 حيث طلب من الجهات المعنية (على رأسها جهة فاس مكناس) تخصيص ميزانيات لمحاربة النبتة.
وهكذا في ظرف 4 سنوات (2012-2016) قطعت النبتة 12كلم، من راس الماء الى قنطرة الديكسلون وسط فاس، حيث زحفت بشكل مخيف اليوم على وادي فاس أحد روافد سبو، و الاستمرار في الزحف سيجعل النبتة تهجم على الحديقة التاريخية والتراثية جنان السبيل ! ومن هناك إلى نهر سبو على بعد 4 كيلومترات،النهر الذي يسقي سهول الغرب البالغة مساحتها المسقية 92000 هكتار. وأنذاك سنقول وداعا لضيعات الغرب وحقول الأرز وباقي النباتات الفلاحية!
بوادر الكارثة بفاس
عدم القضاء على نبتة Pistia حالا و جذريا، سيجعل منها طوفانا يزحف! خاصة ان عددا هاما من شاحنات خزانات المياه، يتم ملؤها من المياه الملوثة بالنبتة لسقي الضيعات القريبة وبعض الحدائق .
بعد كل هذا نتساءل مع المعنيين بالبيئة ودون أي هدف للتهويل أو التخويف المجاني:
لماذا توقفت عمليات إبادة «بيتسيا»؟ متى يتحرك المسؤولون فعليا ليجعلوا من القضاء على هذه الآفة قضية ذات أولوية قصوى؟
ونظرا لكون هذا الخطر الداهم يهم عددا من القطاعات الحكومية من بيئة ومياه وغابات وفلاحة وجماعات محلية وداخلية…لماذا لا يتحمل رئيس الحكومة مسؤوليته للعمل على تفادي الكارثة؟
إن الأمر لم يعد يحتمل أي انتظار او تماطل.