بموازاة مع انطلاق عملية صرف أجور الأعوان المياومين والعرضيين المحسوبين على جماعة فاس ومقاطعاتها الستة وذلك برسم شهر يونيو المنصرم، عاد الجدل من جديد بالحاضرة الإدريبسية لملف بطائق الإنعاش والتي تحولت إلى ريع سياسي بغرض إرضاء الأنصار وإسكات الغاضبين والعناية بالمقربين، فيما خصص بعض المسؤولين بطائق لمفتولي العضلات يرابطون بأبواب مكاتبهم ومقاطعاتهم، وهو ما تسبب في ارتفاع الأصوات المطالبة بنشر لوائح المستفيدين في غياب أي تجاوب حتى الآن من جماعة فاس ومسؤوليها، تورد مصادر”الميادين نيوز”.
واستنادا للمعلومات التي حصل عليها الموقع، فإن عملية صرف أجور المستفيدين من بطائق الإنعاش الخاصة بالأعوان المياومين والعرضيين المحسوبين على جماعة فاس ومقاطعاتها الستة وكذا الذين يتم وضعهم رهن إشارة بعض المرافق والإدارات العمومية كالمحاكم و الملحقات الإدارية لرجال السلطة، عرفت حضور أشخاص غرباء وصفتهم مصارنا”بالأشباح”، وحصلوا على التعويضات المخصصة لكل بطاقة بقيمة 1800 درهم للشهر الواحد.
وزادت نفس المصادر، أنه باستثناء عدد قليل من الأعوان المياومين والعرضيين ذكورا وإناثا ممن يتم الاستفاذة من خدماتهم في النظافة والحراسة بمقر الجماعة ومقاطعاتها الستة وكذا العناية بالمناطق الخضراء في الشارع العام، إضافة لذوي المستويات الدراسية وحاملي الشهادات الذين يساعدون في العمل الإداري بمختلف مرافق الجماعة خصوصا الحالة المدنية وتصحيح الإمضاء وغيرها، فإن باقي الأعوان العرضيين، تحولوا إلى أشباح، بعدما جرى تعويم هذا القطاع وإغراقه بعدد من المستفيدين من بطائق الإنعاش المخصصة لأنصار مستشاري الأغلبية التي تدبر شؤون الجماعة ومجالس المقاطعات، وكذا تلك الموجهة لإسكات الغاضبين والعناية بالمقربين.
والمثير في ملف بطائق الإنعاش المخصصة للأعوان العرضيين والمياومين، هو أن جماعة فاس ترفض حتى الآن نشر لوائح المستفيدين منها، فيما تتضارب المعطيات حول عددهم، حيث كشف مصدر قريب من العمدة، بأن الغلاف المالي المرصود لهذه الفئة ضمن ميزانية الجماعة، هو 10 ملايين درهم سنويا مخصصة للأجور و20 مليون سنتيما الموجهة للتصريح بأجراء هذه الفئة لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، أي ما يعادل أزيد من 360 بطاقة إنعاش، بقيمة مالية شهرية محددة في 1800 درهم، فيما تحدثت مصادر متطابقة عن تجاوز عدد المستفيدين لهذا العدد بكثير، وذلك بسبب عملية إرضاء كافة المستشارين المرتبطين بالعملية والذين يشهرون في وجه عمدة فاس كل مرة لوائح جديدة للمستفيدين، وهو ما يطرح أكثر من تساؤل حول مصدر المبالغ المالية التي تتجاوز الغلاف المالي المخصص في ميزانية الجماعة لفئة الأعوان والعمال العرضيين، خصوصا أن”الجوقة”التي تدبر شؤون الجماعة، اضطرت إلى الاستعانة بهذه البطائق لإسكات بعض الغاضبين عليها ممن يحسبون أنفسهم على”المؤثرين”عبر الصفحات “الفايسبوكية”.
هذا واتصلت”الميادين نيوز”بعمدة فاس عبد السلام البقالي، للتعليق على الجدل الذي أثارته مؤخرا بطائق الأنعاش، وتسببت في موجة غضب كبيرة وسط الفاسيين ومتتبعي الشأن العام المحلي في غياب صوت مصالح سلطات الوصاية التي اختارت لنفسها موقع المتفرج منذ تشكيل مجالس الجماعات الترابية في أكتوبر 2021 ، غير أن هاتف الرئيس ظل مغلقا،بحيث علمت الجريدة بأنه يوجد خارج التراب المغربي وبالتحديد بأبيدجان بالكوت ديفوار والتي سافر إليها على رأس وفد من الجماعة.
من جهته رفض عبد القادر البوصيري، البرلماني الإتحادي والنائب الثالث لعمدة فاس، إعطاء أي تصريح نيابة عن رئيس جماعة فاس حول هذا الموضوع، لكنه شدد على التعليق بصفته الشخصية، حيث كشف بأنه” ضد العملية التي تدبر بها بطائق الإنعاش والتي باتت تستغل سياسيا واجتماعيا من قبل المستشارين والمسؤولين الجماعيين، لإرضاء أفراد عائلاتهم ومقربين منهم وكذا أنصارهم وكل من يطبل لهم”بحسب تعبيره.
وزاد البوصيري، أن”التصرفات المنافية للقانون والتي تعرفها عملية وضع لوائح المستفيدين من بطائق الإنعاش، ألحقت أضرارا بسمعة التحالف السياسي ومستشاريه الذين يدبرون شؤون جماعة فاس ومجالس مقاطعاتها الستة(الأحرار والبام والاستقلال والإتحاد)، مما يُخالف، كما قال، الأهداف التي وجدت من أجلها فئة الأعوان والعمال العرضيين والمياومين، من بينهم شباب معطلون من حاملي الشهادات تستفيذ الجماعة من خدماتهم بمختلف مرافقها الإدارية، فيما تستفيذ من بقية العمال في مجال الحراسة والنظافة والبستنة وغيرها”.
وشدد البوصيري نائب العمدة المكلف بمصلحة الأشغال والصفقات بجماعة فاس، على أن “المسؤولية تقع كما قال، على عاتق المدير العام للمصالح، محمد الذهبي والذي بات مطالبا معية رئيس الجماعة، بتقديم تقرير مفصل حول طرق تدبير بطائق الإنعاش، ونشر لوائح المسجلين المستفيدين”، لأن الأمر يردف النائب الثالث لعمدة فاس، “يتعلق بالمال العام الذي يستوجب تدبيره بشفافية تحت طائلة المساءلة الإدارية والمالية بالنسبة للمسؤولين عن صرفه وتدبيره، وذلك لتحديد المسؤوليات وترتيب الجزاءات في حق كل من يشتبه تورطه في أي تصرف يخالف ذلك”يورد البرلماني الإتحادي المشارك في تدبير شؤون فاس، عبد القادر البوصيري.
هذا ويعاني الأعوان والعمال العرضيين ممن يوجدون في ميادين العمل والمهام المنوطة بهم بمختلف مرافق الجماعة ومجالس مقاطعاتها وبعض المصالح الغدارية العمومية الخارجية، من وضعيتهم الاجتماعية والقانونية المعقدة، بعدما تحولوا إلى مياوميين وعرضيين على الأوراق، وفي واقع حالهم هم أعوان دائمون يسخرون لانجاز خدمات داخل الجماعة ومرافقها ومقاطعاتها، وأحيانا خارجها كما يقولون، فيما تتحكم في عمليات انتقائهم معايير مزاجية تقوم على الانتماء العائلي والحزبي، وهو ما يفسر عمليات شد الحبل التي تفجرت مؤخرا بين مستشاري تحالف الـ”G4“ المسير لجماعة فاس ومقاطعاتها، بغرض ضمان تقسيم عادل لعدد المناصب المخصصة للاعوان العرضيين بغرض انتقاء أنصار حملاتهم الانتخابية.