على الرغم من شكواه من الضائقة المالية ومحدودية ميزانيته، يواصل رئيس مجلس جماعة فاس وأغلبيته كرمهم الحاتمي من مالها العام، آخر فصوله تخصيص منحة مالية لفائدة جمعية”فاس- سايس”للتنمية الثقافية والاجتماعية والاقتصادية.
ويرتقب في انتتظار ما ستعرفه دورة ماي العادية لجماعة فاس بعد غد الجمعة المقبل، خلال عرض اتفاقية خاصة بتنفيذ البرنامج المتعلق بالمساهمة في التنشيط الثقافي والفني، أطرافه نفس الجماعة وولاية جهة فاس-مكناس وكذا جمعية “فاس- سايس للتنمية الثقافية والاجتماعية والاقتصادية”، حيث تقدر قيمة هذه المنحة المخصصة لبرنامج التنشيط الفني والثقافي مدته السنة الجارية 2025، 4 مليون درهم، أي ما يعادل 400 مليون سنتيما، إذ ستتكلف جماعة فاس بدفع هذه الكلفة لوحدها من ميزانيتها و تحويلها إلى الحساب البنكي لجمعية”فاس-سايس”.

والمثير في عودة المؤسسات المنتخبة لضخ الأموال العامة التي يتم جمعها من ضرائب الفاسيات والفاسيين، في الحسابات البنكية لعدد من الجمعيات التي تورطت في ملفات”اختلاس وتبديد”هذه الأموال، (المثير) هو أن الجمعية التي ستستفيد من منحة مالية بقيمة 400 مليون سنتيما خلال دورة ماي العادية التي ستنعقد الجمعة المقبل، ليست سوى الأب الروحي لمؤسسة روح فاس والتي أشرفت الجمعية الأم على عهد رئيسها المستشار الملكي الأسبق محمد القباج على تأسيسها في 2006 ،حيث تورطت هذه المؤسسة مؤخرا تحت رئاسة المدير السابق للمكتب الوطني للسياحة، عبد الرفيع زويتن، في اختلاس أموال عامة يمول عبرها كل سنة”المهرجان العالمي للموسيقى الروحية “،وهو ما بات يتطلب وضع آليات صارمة في مراقبة أموال دافعي الضرائب التي تمنح بسخاء لفائدة الجمعيات بمختلف مجالات نشاطها، وذلك حتى لا يتحول إلى المال العام “السايب”. وبخصوص العلاقة المثيرة للجدل القائمة ما بين جمعية “فاس- سايس”،و”مؤسسة روح فاس”المنظمة لمهرجان الحاضرة الادريسية العالمي للموسيقى الروحية مع حلول كل صيف من السنة، هو أن المؤسسة التي تورط مسيروها الحاليون والسابقون في جرائم “اختلاس أموال عامة”، ظلت منذ تأسيسها من قبل محمد القباج بمقر الجمعية في يونيو2006 ،بمثابة واجهة ملحقة بالجمعية الأم “فاس-سايس”،ولعل الجميع يتذكر الأزمة التي تفجرت في 2021 وتحولات إلى ملاسنات و تبادل للاتهامات ما بين الجمعية ومؤسسة زويتن،لما أعلنت”فاس-سايس”عن تنظيم نسخة مهرجان فاس للموسيقى الروحية صيف نفس السنة، أعقبها في ماي 2022 توقيع اتفاقيةما بين الطرفين في شخص الرئيس الوطني للجمعية على عهد رئيسها آنذاك عمر مراكشي والذي يخلفه حاليا أمين بنسعيد رئيس جامعة الأخوين، بالتوقيع مع عبد الرفيع ازويتن رئيس مؤسسة روح فاس، حيث همت هذه الاتفاقية حصول الجمعية على حقوقها الكاملة المادية والمعنوية مقابل السماح لمؤسسة روح فاس بتنظيم مهرجان فاس للموسيقى العريقة، وهو ما يؤكد على علاقة الجمعية بالمهرجان والذي عرف”اختلاس”أموال عامة ومع ذلك ظل المتورطون يواصلون تسييره،فيما تستمر المؤسسات العمومية المانحة في ضخ المال العام بدون حسيب أو رقيب.
أحكام جنائية في حق كبار منظمي المهرجان الحديقة الخلفية لجمعية سايس
أنهت غرفة جرائم الأموال الاستئنافية لدى محكمة الاستئناف بفاس، نهاية شهر ماي 2023 ، الجولة الثانية من محاكمة 14 متهما من بينهم كبار مسؤولي المهرجان و الذين واجهوا تهمة “اختلاس وتبديد الأموال العامة”والتي تستنزف سنويا ميزانيات جماعات فاس الترابية ومجلس جهتها.
و حولت نفس الغرفة الاستئنافية بقسم جرائم الأموال بفاس، العقوبة النافذة الصادرة عن غرفة الجنايات الابتدائية في 22 يونيو 2022، في حق المتهم الرئيسي، والذي ليس سوى الرئيس والمدير العام لمهرجان الموسيقى لعالمية العريقة والمدير العام السابق للمكتب الوطني للسياحة، عبدالرفيع الزويتن،(حولت عقوبته)من سنة واحدة نافذة إلى سنة واحدة موقوفة التنفيذ، وذلك بسبب مؤاخذته من أجل اختلاسه وتبديده لمبلغ يزيد عن 70 مليون سنتيما صرفها من مال المهرجان، منها كراء طائرة خاصة بـ50 مليون سنتيما نقلته معية نجلته من فاس إلى ميلانو الإيطالية، بعدما أوهم الجميع أن سفره كان بأوامر من جهات عليا بالقصر، وفق ما سبق وأن كشف عنه محاميه عبد الكبير طبيح خلال الجولة الأولى من المحاكمة، حيث أدى زويتن كلفة الرحلة بالعملة الأجنبية “الأورو”، فيما صرف الباقي على بعض من ضيوف المهرجان من الشخصيات العالمية والمغربية، كما همت باقي التهم”تزويره لمحاضر وتواصيل وصفقات تخص المهرجان.
وبنفس العقوبة أدانت بها المحكمة، المسؤول الإداري السابق للمهرجان،عبد القادر الوزاني المتهم باختلاس وتبديد 250مليون سنتيما، بحسب ما كشفته نتائج الخبرة المحاسباتية، والتي سبق للنيابة العامة بأن حصلت عليها من خبير معتمد لدى محاكم فاس، قبل أن تعتمدها في تحريك الدعوى العمومية ضد المشتبه بهم الـ14،حيث استفاد هو الآخر من تحويل عقوبته الحبسية من سنة واحدة نافذة إلى موقوفة التنفيذ.
من جهته حصل المدير العام السابق لمهرجان فاس العالمي، فوزي الصقلي على عهد رئيس الجمعية المنظمة للمهرجان ومؤسسها محمد القباج، على البراءة بعدما أدين ابتدائيا بسنة واحدة حبسا نافذة، حيث نسبت لهذا المتهم الذي تمت تبرئته من التهم التي وجهها له قاضي التحقيق، تهمة تبديد مبلغ 300 مليون سنتيما، وتشغيله لابنته بدون مباراة كمهندسة بالمؤسسة حظيت براتب محترم، فيما حصل على نفس العقوبة أيضا زميله، المسؤول الإداري السابق والمدير الحالي للمهرجان نسخة يونيو2022، عبد القادر الوزاني المتهم باختلاس وتبديد 250مليون سنتيما، بحسب ما كشفته نتائج الخبرة المحاسباتية، والتي سبق للنيابة العامة بأن حصلت عليها من خبير معتمد لدى محاكم فاس، قبل أن تعتمدها في تحريك الدعوى العمومية ضد المشتبه بهم الـ14.
كما استفاد من نفس ظروف التخفيف من العقوبات الحبسية التي تحولت إلى موقوفة، عبد الله الزاهر و أمنية السموني حيث سبق لابتدائية جرائم الأموال أن أدانتهما بالحبس النافذ لمدة عشرة أشهر لكل واحد منهما وغرامة نافذة قدرها 40 ألف درهم، حيث باتت هذه العقوبة موقوفة التنفيذ
أما باقي المتهمين البالغ عددهم 9 متهمين، فقد حافظوا على البراءة التي منحتهم إياها الجولة الأولى من محاكمتهم، ويتعلق الأمر بالمسؤول المالي للمؤسسة، محمد إيشوا الوزاني المتابع من أجل اختلاس مبلغ 320 مليون سنتيما، وزميله المدير التقني للمهرجان محمد الغنباسي إضافة لممثلين لشركات تعاملت مع مؤسسة”روح فاس على عهد رئيسيها المديرين العامين عبد الرفيع زويتن وقبله محمد القباج، منها مؤسسات بنكية وأخرى للطيران والخدمات الفندقية وممولون للحفلات، إضافة إلى شركة بالدار البيضاء مختصة في مجال التواصل والإعلام سبق لها أن تعاقدت مع الرئيس الحالي لمهرجان فاس للموسيقة العالمية العريقة، عبد الرفيع زويتن، وشركة أخرى حظيت على عهده بصفقة تسيير الموقع الإلكتروني للمهرجان، إضافة لمسؤولي شركات تعاقدت مع المؤسسة على عهد مديرها العام السابق فوزي الصقلي المتابع هو الآخر بتهم ثقيلة، منها شركة لبيع معدات ولوازم المكتب، وشركة للمحروقات، وشركات متخصصة في التدبير الإداري وتنمية المشاريع وجلب المستشهرين والممونين، إضافة لشركات متخصصة في الديكور وهندسة منصات المهرجان، حيث حصلت هذه الشركات على أموال طائلة لم يبررها مسؤولو جمعية”مهرجان الموسيقى العالمية العريقة”ضمن الأوراق المحاسباتية لمؤسسة”روح فاس.
أما المتهم، إدريس فاصح صاحب أكبر المجموعات الفندقية والرياضات السياحية ووكالات للأسفار، المتهم باختلاس وتبديد مبلغ ضخم حدد في أزيد من 960 مليون سنتيما، فإن المتابعة سقطت في حقه عقب وفاته بعدما جرى فصل ملفه عن الملف الأصلي بسبب حالته الصحية التي عجلت برحيله عن هذه الدنيا.
للإطلاع على الاتفاقية بمنحة 400 مليون سنتيما الرابط 👇👇
(( إتفاقية التنشيط الثقافي والفني لمدينة فاس ))