بموازاة مع عمليات التقويم وسط الجدال الناشط هذه الأيام على مواقع التواصل الاجتماعي، بخصوص واقع حال امتحانات الباكالوريا لعام 2025، في جانبها المتعلق بإعداد الامتحان الوطني والمرتبط بعمل اللجنة الوطنية وإدارة المركز الوطني للتقويم والامتحانات، انطلقت عدة أصوات منتقدة لهذه العملية قبل انطلاق مرحلة تصحيح الأوراق، ومون هذه الإشكالات اختارت “الميادين” لقرائها صرخة مفتش تربوي سابق لمادة الفلسفة متقاعد، وضع أصبعه على “انحراف”وصفه “بالخطير”على المستوى التشريعي و المؤسساتي وكذا المستوى التربوي، وذلك في قراءة نقدية منه للاختيارات التربوية المرتبطة بالامتحان الوطني للبكالوريا 2025.. لنتابع ما قاله:
منذ أن غادرت أسلاك الوظيفة العمومية كمفتش تربوي لمادة الفلسفة، حيث عملت لسنوات في اللجنة الوطنية لإعداد مواضيع الامتحان الوطني، كنت أناقش كل سنة مع بعض المقربين، ما ألاحظه على عمل اللجنة الوطنية، دون أن أدون ملاحظتي، في موقع اجتماعي ما، غير أن ما وقع اليوم بالامتحان الوطني لباكالوريا 2025 وخصوصا بالنسبة للشعب العلمية ومسالكها، أمر لا يرتبط بمجرد اختلاف في الرؤى والاختيارات التربوية، بل ما وقع هو انحراف وانحراف خطير على المستوى التشريعي المؤسساتي وعلى المستوى التربوي.
المستوى التشريعي :
فعلى المستوى التشريعي لم تلتزم اللجنة الوطنية بمبادئ الأطر المرجعية الخاصة بالمادة وخصوصا مبدأ التغطية، إذ كنا دائما نلتزم بنسبة 75 بالمئة في التغطية أي كل موضوع في مجزوءة ، لكن هذه السنة، وبدون أي اعتبار قانوني و بدون إكراهات، كما في سنتي كورونا او إضرابات بعض الأساتذة، بل فقط من مزاجية اللجنة، تم إقصاء مجزوئتي السياسة والوضع البشري، و الاقتصار على مجزوءتي المعرفة والأخلاق، أي بنسبة تغطية تساوي خمسين بالمئة، مع الأولوية لمجزوءة المعرفة، ونحن كممارسين نعرف كيفية تدريس هذه المجزوءة التي تقتضي معرفة إبستيمولوجية قوية، وهذا معناه عدم الالتزام بالأطر المرجعية التي هي تعاقد قانوني رسمي بين اللجنة الوطنية والأساتذة والمترشحين.
وبناء عليه، تنتصب عدد من الأسئلة حول مبرر اللجنة في هذا الاختيار الذي يناقض مبادئ الأطر المرجعية؟؟ وهل أصبحت اللجنة تقرر بمحض ذاتها دون الرجوع إلى القوانين؟؟ هذا ما ننتظر الجواب عنه وبشكل رسمي من إدارة المركز الوطني للتقويم والامتحانات. المستوى التربوي:
للأسف هناك احتمال يبرر سبب اختيارها السابق، فلم تمارس عملها كلجنة وطنية تدرك أسس التقويم الإجمالي مع وعي بكل أبعاد الامتحان الوطني: التربوية والاجتماعية والسياسية، بقدر ما اختارت نزعة انتقامية من التلميذ والأساتذة الممارسين، بحيث يمكن بكل صدق أن نماثل ما قامت به اليوم، بما يقوم به مراقب السير الذي يمسك “بردار” السرعة مختفيا وراء شجرة يتصيد أخطاء السائقين. نحن في مجال التربية والتربية تقوم على الصدق والوضوح والتسامح وليس العقاب والانتقام.
ولم تكتف اللجنة بالتركيز على مجزوءة المعرفة، بل جاءت القولة لتتناول آخر إشكال في مفهوم الحرية من مجزوئه الأخلاق، ونحن نعلم أن مفهوم الحرية يخترق البرنامج بأكمله تقريبا. فهل إذا عالج المترشح القولة في سياق مجزوءة السياسة، وهو أمر مؤكد، هل سنعتبر إجابته خارج المطلوب؟؟ أليس القول بأن لا حرية خارج القوانين، قول شائع في السياسة وعند كل أصحاب العقد الاجتماعي؟ ؟هل وضعت اللجنة في عناصر الإجابة هذا الاحتمال؟؟هذا أيضا سؤال من الواجب الإجابة عنه بشكل رسمي وقبل انطلاق عملية التصحيح، وإلا فإن الضحية الأول هو المترشح.
فالثابت لدى جميع المغاربة، أننا أمام امتحان وطنبي للباكالوريا، يحدد مصير آلاف من أبناء هذا الوطن، تعبوا في التحضير له مع تضحيات الآباء والأمهات، لذلك فلا ينبغي أن ننظر إلى الأمر كونه مجرد أوراق تصحح ونقط تمنح، ينجح من ينجح ويرسب من يرسب، إنه مستقبل أجيال وأحلام عائلات تنتظر أن تتحقق، فلا تجعلوا مناصبكم هي الأهم فتجهض الأحلام، وتفقد الثقة في المؤسسات. أليس منكم رجل رشيد ؟؟