بعد مقال”الميادين نيوز”المنشور بعددها ليوم السبت الماضي الـ9 من دجنبر الحالي تحت عنوان” ((مثير.. مهندسة رئيسة مصلحة حفظ الصحة تتحول إلى”طبيبة” توزع الأدوية بمقاطعة سايس))، ظهرت ردود أفعال متباينة من قبل عدة جهات لها ارتباط بالموضوع من قريب أو من بعيد، حيث استنفرت نفس هذه الجهات بطعم أمني كل جهودها للوصول إلى “مسرب المعلومة”كما وصفوها لـ”الميادين نيوز”، فيما لم تنجو الجريدة من”تهجمات” لا ترقى بحسبنا لمستوى الاعتبار والرد عليها.
مقاطعة جماعية أم “صيدلية”؟
وبالرجوع إلى ما كشفت عنه”الميادين نيوز”في عددها ليوم السبت الماضي، بخصوص قيام مهندسة تشغل مهمة رئيسة مصلحة حفظ الصحة الجماعية بمقاطعة سايس التابعة للجماعة الأم بفاس، فإن هذه المسؤولة بنفس المقاطعة تحولت في غياب طبيب متعاقد معه، إلى”طبيبة”خارج القانون، جاعلة من مكتبها، صيدلية خاصة أو مركزا صحيا تابعا لوزارة الصحة، حيث تقوم بتوزيع الأدوية على المرتفقين بهذه المقاطعة خارج ضوابط هذه العملية، والتي لا تخلو من مخاطر على صحة المستفيدين، وهو سلوك اعتبره مصدر صحي في حديثه للجريدة، مخالفا لقانون صرف الأدوية، و ضربا من مصلحة حفظ الصحة بمقاطعة سايس للتشريعات الوطنية بعرض الحائط.
وزاد نفس المصدر بأن مدونة الدواء والصيدلة بمثابة القانون رقم 17.04، والمنشور بالجريدة الرسمية عدد 5480 بتاريخ 15 ذو القعدة 1427 الموافق لـ7 ديسمبر 2006( ص 3726ل) لا تسمح لأي جهة كيفما كانت بتوزيع الأدوية ما عدا المخول لها في حكم هذا القانون، فيما تصر رئيسة مصلحة حفظ الصحة بمقاطعة سايس والتي حصلت على وظيفة بها بناء على شهادتها كمهندسة دولة في الصناعات الزراعية والغذائية، على جعل مهمتها الرئيسية بهذه المصلحة هو توزيع الأدوية التي تقتنيها المقاطعة، معتبرة ما تقوم به هو قانوني وفق ما دافعت به المهندسة عن نفسها في حديثها لمقربين منها منتقدة بذلك مقال”الميادين نيوز”، وهي تشدد في ردها على أنها “توجد في في وضع جيد جدًا، لتوزيع المنتجات الصيدلانية ورئاستها لمسؤوليات خدمات النظافة”بالمقاطعة.
فمهندسة مكتب حفظ الصحة بمقاطعة سايس، نسيت أو تناست بأن مجالس الجماعات الترابية بالمغرب بتنسيق مع سلطات الوصاية، تحرص على وضع طبيب على رأس هذه المصلحة بخلاف ما هون قائم بمقاطعات جماعة فاس، والتي وضعت على رأس مصالح حفظ الصحة الجماعية مساعدا إداريا من الدرجة الثانية بمقاطعة فاس المدينة، ومتصرفا ممتازا رئيس مصلحة حفظ الصحة بمقاطعة جنان الورد، ومهندس دولة رئيس مصلحة حفظ الصحة بمقاطعة أكدال، هذا في الوقت الذي يتوجب على رئيس جماعة فاس تنظيم مباريات لتوظيف الأطباء والممرضين بهذه المصالح، وذلك تتميما لأحكام المادة 83 من القانون التنظيمي رقم 113.14، المتعلق بالجماعات، من أجل الاعتراف للجماعة التي ترغب في إحداث وتجهيز وتدبير المرافق اللازمة لتحقيق صحة القرب، في احترام للقانون الإطار رقم 34.09 المتعلق بالمنظومة الصحية وبعرض العلاجات.
هذه أدوار مصلحة حفظ الصحة بعيدا عن توزيع الأدوية
إن تحويل مكاتب مصلحة حفظ الصحة إلى نقطة لتوزيع الأدوية على المرتفقين والموظفين، كما يحصل بجميع مقاطعات جماعة فاس، يعتبر عملا مخالفا للأعراف القانونية، التي تفرض صرف الأدوية عن طريق الصيدليات وليس مكاتب حفظ الصحة بالجماعات والمقاطعات الترابية، على اعتبار أن الدواء هو مادة جد حساسة وتحتاج لظروف جد مشددة تتمثل في الحفظ والتخزين والتوزيع والصرف حفاظا على جودتها وسلامتها، إذ أنه أي إتلاف يلحق بها يحولها إلى مادة تهدد صحة وسلامة المواطنين، ثم إن المقاطعات وجماعة فاس، باتت مطالبة بأن تترك أمر الأدوية للمرخص لهم قانونا بصرفها وتوزيعها، حتى يتفرغ موظفو مصالحها في حفظ الصحة، لمهامهم الحقيقية في مجال الصحة الغذائية ومراقبة النقط السوداء بالمحلات الغذائية وغيرها، والتي يعج بها تراب مقاطعة سايس، مما يشكل خطرا حقيقيا على صحة المواطنين من زبناء هذه المطاعم، علاوة عن باقي المهام و الخدمات تتعلق بإجراءات الوقاية و حفظ الصحة العامة و حماية البيئة، منها مراقبة المواد الغذائية المعروضة للعموم و مراقبة جميع المحلات والمؤسسات والفضاءات المتواجدة بالمدينة والتي يستعملها العموم وكذا الأماكن المخصصة لاستهلاك مواد غذائية كالمطاعم و المحلبات، ومراقبة الماء الشروب ،و القيام بحملات للتطهير كمحاربة الحشرات الضارة و الفئران و محاربة داء السعر و الكلاب الضالة. إضافة إلى مراقبة و معاينة حالات الوفاة وتدبير المستودع البلدي للأموات.
و بخلاف ما يدور في خلد مهندسة مقاطعة سايس بمصلحة حفظ الصحة، والتي تجعل من مهامها الرئيسية هو توزيع الأدوية على الرغم من عدم قانونيتها، فإن غالبية الجماعات الترابية بالمغرب، تتجه إلى سلك تجارب تحترم المقتضيات القانونية لصرف الأدوية، حيث تقوم مكاتب حفظ الصحة بمد المستفيدين ضمن اللوائح المصادق عليها، بوصل للحصول على الأدوية من صيدليات المدينة، وبدون توجيه مسبق من المقاطعة لصيدلية معينة، وذلك حتى يتسلم المرضى أدويتهم وفق شروط قانونية، وظروف صحية تحفظ سلامة الدواء وسلامة وصحة المواطن وعدم تعريضها لأي مخاطر، لا أن تتحول مصالح حفظ الصحة بالجماعات والمقاطعات إلى”صيدليات”.
كما أن جل مكاتب أو مصالح حفظ الصحة بالجماعات الترابية، بات مسؤولوها وكذا رؤساؤهم مطالبون باستحضار ما تنص عليه المادة 83 من الفصل الثاني من القانون التنظيمي رقم 113.14 المتعلق بالجماعات، والذي يجعل من المكتب الصحي الجماعي، بمثابة “الجهاز الأول” لتطبيق القرارات الجماعية الخاصة بالمحافظة على النظافة والصحة العمومية، فيما يتكلف مسؤولو مكاتب أو مصالح حفظ الصحة الجماعية، برفع التقارير التي تتضمن نتائج عملهم في مراقبة إجراءات الوقاية و حفظ الصحة العامة و حماية البيئة، ولو بدون طلب من رئيس الجماعة أو المقاطعة.
فهل مصلحة حفظ الصحة بمقاطعة سايس وباقي مقاطعات جماعة فاس، على علم بمهام مسؤوليها والذي يحدده القرار الجماعي المتعلق بالنظام العام للوقاية الصحية والمحافظة على البيئة بتراب الجماعة؟ ثم هل سينهي مسؤولوها “حالات الشرود” في تحويل مكاتبهم بالمقاطعات إلى”صيدليات”لتوزيع أدوية ضدا على الأعراف القانونية، و التي تفرض صرف الأدوية عن طريق الصيدليات؟ خصوصا أن أصواتا كثيرة تتعالى و هي تطالب الجماعات بالتخلي عن اقتناء أدوية تنزف ماليتها، وذلك على الرغم من أي “علة”ترتبط بشبهات من يختار هذه الأدوية ومزود الجماعات والمقاطعات بها، وصولا إلى لائحة المستفيدين منها، بدون أن ننسى مخاطر تخزينها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ يتبع ..