مذكرات إدارية غارقة في التناقض تلك التي صدرت خلال الشهور الأخيرة حتى دجنبر الحالي عن رئيس جماعة فاس، التجمعي عبد السلام البقالي بخصوص الأعوان العرضيين العاملين بجماعته والمقاطعات الستة التابعة لها، وعددهم 980 عونا، آخر هذه المذكرات تلك التي أصدرها منتصف الأسبوع الجاري يعلن فيها عن انتهاء العمل بفئة الأعوان العرضيين و ذلك ابتداء يوم الثلاثاء المقبل 24 دجنبر الجاري.

قرارات مرتبكة:
و في هذا السياق، علمت”الميادين” بأن رئيس جماعة فاس، عبد السلام البقالي عمم على رؤساء الأقسام و المصالح بجماعته و كذا رؤساء المقاطعات التابعة لها (أكدال و المرينيين و فاس المدينة و جنان الورد و زواغة و سايس)، التوقف عن تشغيل فئة الأعوان العرضيين ابتداء من يوم الثلاثاء الـ 24 دجنبر الجاري، فيما وجه عمدة فاس أوامره للمعنيين بمذكرته بالعمل على تنفيذ محتواها، لكنه لم يرفق هذا القرار بأي مبرر يخص مطالبة الأعوان العرضيين بإخلاء مكان عملهم و التوقف عن ولوجه ابتداء من الثلاثاء المقبل.

و سبق لرئيس جماعة فاس، ضمن حالة الارتباك التي لازمته في تدبير ملف الأعوان العرضيين بسبب مخاوفه من ردة فعل حلفائه في تدبير شؤون جماعته و مقاطعاتها، بأن أصدر مذكرة في 12 نونبر 2024 ، أي قبل أزيد من شهر عن مذكرته لمنتصف الأسبوع الحالي، حيث طلب من خلالها رؤساء المقاطعات الستة و كذا رؤساء الأقسام و المصالح بجماعته، إخبار الأعوان العرضيين العاملين تحت إمرتهم، بالتوقف عن العمل ابتداء من 15 نونبر الماضي، مع استثناء البعض منهم من قرار التوقف، حيث سمح لهم بالاستمرار في العمل بالمرافق الجماعية التي تحتاج لعملهم، ذكر منها حينها رئيس جماعة فاس ضمن مذكرته لـ12 نونبر الماضي، مرآب الجماعة و القاعات المغطاة و الملاعب الرياضية و المجزرة و السائقين و فرق معالجة الكلاب الضالة و صيانة الإنارة العمومية و المساحات الخضراء و صولا إلى فئة المنظفات.
و علل عمدة فاس آنذاك في مذكرته لـ12 نونبر الماضي، قرار توقيف فئة الأعوان العرضيين عن العمل، بانتظار بداية صرف ميزانية العام المقبل 2025 ، فيما ربط الاستثناءات التي أمر بها للاحتفاظ بعدد من الأعوان، بالإمكانيات المادية المرصودة لهذه الفئة برسم سنة 2024، لكن سرعان ما تراجع الرئيس عن محتوى مذكرة شهر نونبر ليصدر مذكرة ثانية منتصف الأسبوع الجاري من شهر دجنبر الحالي، يأمر فيها رؤساء المقاطعات و رؤساء الأقسام و المصالح بالجماعة، بقرار توقيف فئة جميع العرضيين عن العمل بدون استثناءات ابتداء من يوم الثلاثاء المقبل 24 دجنبر الجاري.
و أفادت مصادر”الميادين” بأن “عمدة” فاس وجد نفسه ما بين سندان سلطات وصاية الداخلية والتي عاتبته عن الكلفة المالية الكبيرة المخصصة للعرضيين، وتسببها في نزيف حاد في ميزانية الجماعة، فيما واجه في الوقت نفسه انتقادات حلفائه بمجلس جماعته و كذا رؤساء المقاطعات الرافضون لطريقة تدبيره لهذا الملف، حيث عارض وفق مصادر”الميادين”، رؤساء مقاطعات أكدال و سايس و جنان الورد بالنيابة، قرار العمدة البقالي “تسريح” عدد من الأعوان العرضيين و الاحتفاظ بالبعض الأخر، إذ اتهموه “بتسييس” معايير تشغيل هذه الفئة و التي باتت تحكمها “الولاءات”، مما تسبب في موجة تبادل للاتهامات ما بين الرئيس و المعارضين له ضمن التحالف الذي يدبر شؤون الجماعة و مقاطعاتها، انتهت برضوخ “العمدة”التجمعي لقرار سلطات الوصاية المطالب بوقف نزيف ميزانية جماعة الحاضرة الإدريسية في غياب الاعتمادات المالية الكافية لفئة الأعوان العرضيين، أغلبهم من الأشباح و الموالسين سياسيا للمنتخبين، حيث يلهفون من هذه الميزانية 1 مليار و800 مليون سنتيما سنويا.
المطالبة بنشر لوائح الأعوان العرضيين:
بموازاة مع عمليات تبادل للاتهامات ما بين الرئيس و مستشاري مجلسه من الأغلبية و المعارضة بخصوص ملف الأعوان العرضيين و الذي تحول إلى فضيحة مالية تسائل مدبري الشأن العام المحلي و مصالح الوصاية بعمالة فاس و سلطاتها المركزية بوزارة الداخلية، ارتفعت بقوة هذه الأيام أصوات تطالب بنشر لوائح الأعوان العرضيين البالغ عددهم وفق ما كشف عنه رئيس الجماعة 980 عونا، حيث يكلفون ميزانية الجماعة حوالي 1 مليار و800 مليون سنتيما، فيما كشفت مصادر متطابقة عن احتمال قفز هذا الغلاف المخصص للعرضيين إلى 2 مليار سنتيما، وذلك بسبب معاناة عمدة فاس مع إرضاء الطلبات المتزايدة التي تصله من مستشارين وموظفين بنفس الجماعة ومقاطعاتها وكذا سياسيين ومسؤولين عن إدارات عمومية وخاصة.
وفي هذا السياق طالب رؤساء مقاطعات أكدال (عن البام) و سايس(عن الاستقلال) و جنان الورد بالنيابة (عن الاتحاد الاشتراكي)، من رئيس جماعة فاس التجمعي عبد السلام البقالي بالكشف عن لوائح فئة الأعوان العرضيين العاملين لدى الإقسان و المصالح بالجماعة الأم و كذا المقاطعات الستة التابعة لها، وذلك ضمن ردهم على قرار الرئيس الذي اتخذه في نونبر الماضي آمرا بتوقيف الأعوان العرضيين عن العمل مع الاحتفاظ بفئة قليلة منهم، قبل أن يصدر قرارا جديدا الأسبوع الجاري يقضي بالتوقيف النهائي لجميع الأعوان ابتداء من الثلاثاء المقبل.

من جهته طالب مستشار من المعارضة بمجلس جماعة فاس، علي بومهدي المنتمي لفريق “جبهة القوى الديمقراطية” في رسالة وجهها الأربعاء الماضي إلى رئيس جماعة فاس، عبد السلام البقالي، يطالبه فيها بالكشف عن لائحة العوان العرضيين بالجماعة الأم و مقاطعاتها الست، حيث سبق لنفس المستشار بإحدى جلسات دورة أكتوبر الماضي، بأن اتهم نائبة للعمدة، تنتمي لحزب الاستقلال وتشتغل أستاذة جامعية، بإقدامها على تشغيل أحد طلبتها ضمن فئة الأعوان العرضيين، فيما كشف خلال تدخله أمام مراى ومسمع من زملائه المستشارين و كذا باشا مقاطعة أكدال ممثل الوالي بدورة أكتوبر، بأن العوان العرضيين تحول الكثير منهم إلى أشباح يتقاضون أجورهم بدون عمل، فيما يتم استغلال البعض الآخر، وفق كلام نفس المستشار الجماعي، في الأشغال الخاصة بفيلات المنتخبين و المسؤولين النافذين بالمدينة.
من جانبه اضطر عمدة فاس للرد على اتهامات معارضيه، حيث قال خلال آخر جلسة من جلسات دورة أكتوبر الماضي في جوابه على الانتقادات القوية التي واجهها بسبب ملف العرضيين، بأن “لائحة العرضيين التي ارتفعت إلى 980 عرضيا، الغرض من ذلك هو خلق فرص للشغل”، مشددا على أن “رؤساء المصالح هم من يتحملون مسؤولية التوقيع على لوائح العرضيين”، نافيا وجود أشباح وسط هذه الفئة، فيما أبدى استعداداه لتقديم لوائح العرضيين للجهات الرقابية الإدارية أو القضائية في حال فتح بحث قضائي في الموضوع، وفق ما أعلن عنه رئيس جماعة فاس، عبد السلام البقالي، كما هو مثبت في الفيديو المرفق بهذا المقال، والذي سبق “للميادين”بأن نشرته بعددها ليوم 29 أكتوبر 2024، أي قبل أقل من شهر حتى الآن. ( الفيديو👇)