على “صفيح ساخن”، وفي حضرة باشا أكدال ما زالت جماعة مدينة فاس تعيش أوضاعا متوترة ما بين “العمدة” و فرق المعارضة بخصوص عدد من القضايا الخلافية، سواء تلك التي تخص شق التنظيم والمساطر أو طريقة عمل وتدبير المجلس وكذا الشأن العام المحلي للحاضرة الإدريسية ، وذلك تزامنا مع مغادرة الشركتين المفوض لهما تدبير مرفق النظافة بمقاطعات نفس المدينة، حيث وقع رئيس الجماعة خلال الدورة الاستثنائية التي التأمت هذا اليوم الثلاثاء، في مستنقع التصويت غير القانوني والمخالف لمقتضيات “قانون الجماعات الترابية” خلال تمريره لعقدي التدبير بين جماعة فاس والشركتين المفوض لهما جمع النفايات بمقاطعات أكدال، سايس زواغة والمرينيين من جهة، و مقاطعتي فاس المدينة وجنان الورد من جهة ثانية.
واستنادا إلى نتائج عملية التصويت التي جرت أطوارها بجلسة الدورة الاستثنائية لهذا اليوم بمقر جماعة فاس، فقد صوت لفائدة عقدة التدبير المفوض مع شركة “SOS” الحاصلة على صفقة منطقة “فاس 1” بتراب مقاطعتي فاس المدينة و جنان الورد بمبلغ يزيد عن 6 مليار سنتيما (62 264 975, 95 درهما)، (صوت لفائدتها) 43 عضوا فيما امتنع عن التصويت 12 مستشارا من فرق المعارضة.
من جهة أخرى حازت عقدة التدبير المفوض مع شركة “ميكومار” المملوكة لعائلة صهيون، و الحاصلة على صفقة منطقة “فاس 2” بتراب مقاطعات أكدال ، سايس، المرينيين وزواغة بمبلغ يزيد عن 16 مليار سنتيما( 163 363 000,32 درهما)، حازت هذه العقدة، على 44 صوتا فيما امتنع نفس العدد والذي هو 12 مستشارا من فرق المعارضة.
مسطرة التصويت..المستنقع الذي غرق فيه “عمدة فاس”
و المثير، المضحك في نتيجة التصويت على العقدتين، هو أن رئيس المجلس ونوابه المرابطين بالمنصة و في القاعة معية أغلبية حلفائه، لم ينتبهوا لهذا التصويت غير القانوني والذي لم يصل إلى النصاب القانوني الذي تشترطه المادة 43 من القانون 113.14 المتعلق بالجماعات الترابية، إلا بعد إغلاق الدورة الاستثنائية بدقائق، مما جعل هذه الدورة مخالفة لمسطرة طرق تدبير المرافق العمومية التابعة للجماعة و الواردة ضمن القضايا التي تستوجب اتخاذ مقررات فيها بالأغلبية المطلقة للأعضاء المزاولين مهامهم أي( 45+1 ) في نازلة جماعة فاس المكونة من 91 عضوا.
وعلمت “الميادين” أن رئيس جماعة فاس من حزب “الأحرار”معية نوابه من “الاستقلال” و “البام” و “الإتحاد الاشتراكي”، سارع عقب اكتشافه للزلة المدوية التي سقط فيها في خرق سافر لمسطرة التصويت على تدبير مرفق النظافة بجماعته خلال التئام الدورة الاستثنائية هذا اليوم الثلاثاء، (سارع) إلى استصدار دعوة جديدة لحضور “الجلسة الثانية” كما سماها، للدورة الاستثنائية لمجلس جماعة فاس اختار لها صبيحة يوم غد الأربعاء.
الدعوة لجلسة ثانية خارقة للقانون بدلا من دورة استثنائية
يبدو أن رئيس جماعة فاس معية نوابه وصولا إلى المدير العام لمصالحه، باتوا في حالة شرود ساطع وهم يدبرون شؤون هذه الجماعة، حيث أنهم لا يخرجون من زلة جديدة حتى يدخلون في أخرى، فبعد مخالفتهم لمسطرة طرق تدبير المرافق العمومية التابعة للجماعة و الواردة ضمن القضايا التي تستوجب اتخاذ مقررات فيها بالأغلبية المطلقة للأعضاء المزاولين مهامهم، ها هو “العمدة” يقع في خرق آخر حينما حاول إصلاح ما أفسدته طريقة تعامله مع شق التنظيم والمساطر وكذا طريقة عمل وتدبير المجلس، بإصداره لدعوة عممها على كل أعضاء المجلس، لحضور أشغال جلسة ثانية من الدورة الاستثنائية التي جرت أطوارها هذا اليوم الثلاثاء 24 شتنبر الجاري، والحال أن هذه الدورة تم إغلاقها بقرار من الرئيس نفسه، بعدما تلا كاتب مجلسه برقية الولاء للملك محمد السادس، شدد فيها على أن هذه البرقية تأتي بمناسبة اختتام أشغال الدورة الاستثنائية ليوم 24 شتنبر 2024.
حيث راح الرئيس و نوابه ينتشون بإنجازهم المتمثل في تمرير صفقتي الشركتين المفوض لهما تدبير مرفق النظافة بمدينة فاس، قبل أن ينتبهوا وهم بمكتب الرئيس لزلة العيب المسطري الذي شاب عملية التصويت على هذا المرفق العمومي بالشكل الذي خالف مقتضيات المادة 43 من “قانون الجماعات الترابية”.
هذا المأزق غير المنتظر، جعل الرئيس ومن معه، يفكرون في الركوب على الفقرة الثانية من مقتضيات المادة 43، لاستدراك الأمر، حيث نصت الفقرة على أنه “إذا تعذر الحصول على الأغلبية المطلقة للأعضاء المزاولين مهامهم في التصويت الأول، تتخذ المقررات في شأن القضايا المذكورة في التصويت الثاني بالأغلبية المطلقة للأصوات المعبر عنها، وفي حالة تعادل الأصوات، يرجح الجانب الذي يكون فيه الرئيس، ويدرج في المحضر بيان التصويت الخاص بكل مصوت”.
فاختيار “عمدة فاس” لسياسة الهروب إلى الأمام عبر الدعوة ضد على القانون لحضور جلسة ثانية لدورة استثناية تم اغلاقها، جاء بغرض استدراك الخطأ المسطري الذي وقع فيه، والذي أغضب مصالح الوالي زنيبر، بسبب تعطيل المصادقة على عقود التدبير المفوض، حيث سيضع كل هذا، رئيس الجماعة وسلطات الوصاية بولاية فاس و ووزارة لفتيت، أمام امتحان التطبيق السليم للقانون و ارغام “العمدة” الشارد، كما ينعته خصومه وبعض من حلفائه، على معالجة “زلاته” بطرق قانونية، و الدعوة إلى دورة استثنائية جديدة طبقا للمقتضيات التي يشترطها “قانون الجماعات الترابية”.
يذكر أن المادة 43 من القانون 113.14 المتعلق بالجماعات الترابية، نصت مقتضياتها على أنه” تتخذ المقررات بالأغلبية المطلقة للأصوات المعبر عنها، ما عدا في القضايا بعده، و التي يشترط اعتمادها على الأغلبية المطلقة للأعضاء المزاولين لمهامهم: 1 الميزانية؛ .2 برنامج عمل الجماعة؛ .3 إحداث شركات التنمية المحلية أو تغيير غرضها أو المساهمة في رأسمالها أو الزيادة فيه أو خفضه أو تفويته؛ .4 طرق تدبير المرافق العمومية التابعة للجماعة؛ .5 الشراكة مع القطاع الخاص؛ .6 العقود المتعلقة بممارسة الاختصاصات المشتركة مع الدولة والمنقولة من هذه الأخيرة إلى الجماعة”.
(( فيديو فضيحة “عمدة فاس” الخاص بالعيب المسطري في التصويت على عقود التدبير المفوض))