بفاس دخلت الانتخابات التشريعية الجزئية مرحلتها الحاسمة منذ الساعات الأولى من صباح هذا اليوم الثلاثاء 23 أبريل الجاري، مع انطلاق عمليات التصويت بمختلف مكاتب الإقتراع المخصصة بنفوذ دائرة فاس الجنوبية، وذلك لشغل المقعد الفارغ بمجلس النواب عقب تجريد البرلماني الاتحادي المعتقل عبد القادر البوصيري من عضويته بنفس المجلس، لكن أجواء يوم التصويت حتى الآن بقيت باهتة ولا توحي بوجود انتخابات عكس ما كان يحدث في الانتخابات السابقة.
و استنادا للمعطيات التي جمعتها “الميادين نيوز”، فإن عزوفا رهيبا يخيم على معظم مكاتب التصويت خصوصا بالمجال الحضري لدائرة فاس الجنوبية، أي مقاطعات سايس و جنان الورد و أكدال، حيث لم تتجاوز نسبة توجه الناخبين للصناديق حتى زوال هذا اليوم، نسبة 5 بالمائة فقط، فيما تحركت بنسبة أفضل عمليات التصويت بمكاتب الجماعات المحسوبة على المجال القروي في ضواحي فاس تراوحت ما بين 10 و 15 في المائة، خصوصا بجماعة أولاد الطيب و سيدي احرزم و عين البيضاء، حيث توجه للتصويت ناخبون من فئات الفلاحين و المسنين و النساء، فيما غابت فئة الشباب و كذا البالغين من العمر ما بين 40 و 50 سنة.
من جهتها كشفت مصادر متطابقة بأن التوقعات بعزوف انتخابي كبير في الانتخابات التي يجري الاقتراع فيها على مقعد برلماني وحيد، تخوف منه المرشحون الثمانية لهذه الانتخابات، عقب اجرائهم لحملاتهم الانتخابية، حيث لامسوا غضب الشارع على السياسيين و فقدانهم للثقة في ممثليهم بالمؤسسات المنتخبة، خصوصا أن إقليم فاس وجهتها، عاشت عقب انتخابات شتنبر 2021، فضائح ملفات فساد مالي وإداري، زج بعدد من المنتخبين في السجن، فيما يزال آخرون يتابعون في ملفات فساد مشابهة، كما ينتظر فريق آخر اخضاعهم للأبحاث عقب اقتراع هذا اليوم.
من جهة أخرى توقعت “الميادين نيوز” خلال الحملة الانتخابية “الباردة” للمرشحين، بأن تواجه هذه الانتخابات التشريعية الجزئية، عزوفا انتخابيا كبيرا احتجاجا على حصيلة برلمانيي دائرة فاس الجنوبية وكذا نظيرتها الشمالية، والذين فشلوا حتى الآن في عمليات الترافع عن الملفات الكبرى لعمالة فاس والتي تحتضن عاصمة الجهة وجماعات قروية تعاني من الاقصاء المجالي والتنموي، في مقابل النجاحات التي حققتها عمالات أخرى محسوبة على كبريات المدن المغربية.
هل سيتحرك سماسرة الانتخابات “لمحاربة” العزوف؟
وفق ما توصلت به “الميادين نيوز” من معطيات، فإن المرشحين الذين التزموا بحملة انتخابية نظيفة بعيدا عن أي استغلال للناخبين ولإمكانيات الدولة والجماعة وغيرها، يعولون على موقف السلطات المحلية لمصالح العامل/ الوالي ازنيبر لضمان تنافس شريف لكل المترشحين للظفر بالمقعد الفريد لدائرة فاس الجنوبية، بعيدا، كما يقولون، عن كل أساليب “البلطجة الانتخابية” و “أساليب التأثير” على صوت الناخبين بالمال و غيره.
لكن العزوف عن التصويت، تقول مصادر متطابقة، قد يحرك في كل لحظة محترفي الانتخابات للعب أدوار الوسطاء ما بين الناخبين والمرشحين الذين تكون عيونهم على ربح المقعد البرلماني، فيما يعرضهم السماسرة و قناصي الفرص لتحقيق المال، لشتى أنواع الاستغلال المالي، وهم يطالبونهم بشراء الأصوات، وهنا تتحرك آليات”سماسرة” المرشحين خصوصا داخل أحزمة الفقر والبؤس جريا وراء أصوات ساكنيها، حيث تتحول العملية إلى سوق انتخابي في حال لم تتحرك السلطات المعنية للتصدي لمثل هذه الممارسات التي تنشط في الأزقة الشعبية و بمحاذاة مكاتب التصويت.
العزوف الانتخابي…هاجس يعكر صفو السلطات في فاس
يبدو أن ممارسات بعض المرشحين و احزابهم و أنصارهم خلال الحملة الانتخابية التي عاشها نفوذ دائرة فاس الجنوبية، أعادت إلى الواجهة “دائرة المحبطين” من العمل السياسي والتي باتت تتسع يوماً بعد يوماً، حيث تبدو معظم مكاتب التصويت جد فارغة، نتيجة عزوف الناخبين عن التصويت لأسباب ترتبط في كليتها بتراجع الثقة في المؤسسات السياسية، فضلاً عن الاحتقان الاجتماعي الذي تفاقم بسبب الأزمة الاقتصادية، وسط انهماك المواطنين في قضاء شؤونهم المعيشية والبحث عن مواردها لمساعدة عائلاتهم التي تعاني من ضنك المعيشة.
آخر المعطيات التي حصلت عليها “الميادين نيوز”، تفيد بأن السلطات بفاس هي الأخرى كانت تتخوف من العزوف عن التصويت على الرغم من أنها توقعته عقب متابعتها لمراحل الحملة الانتخابية للمرشحين وأجوائها، لكن هذه السلطات بحسب مصدر من مصادرنا، باتت تواجه الصعاب في تدبير هذا العزوف، وذلك بعدما كانت في الانتخابات السابقة تلجأ إلى تحريك الفاعلين الجمعويين لحث الناخبين على التوجه لصناديق الاقتراع، وهي العملية التي تسببت حينها في شكاوى عدد من المرشحين، فهل سيتكرر هذا السيناريو خلال اقتراع هذا اليوم 23 أبريل الجاري؟
(( تحذير و تنبيه من الانتحال أو السرقة لمقالات “الميادين نيوز” جزئيا أو كليا..جميع حقوق النشر محفوظة))