دخلت حملة الانتخابات التشريعية الجزئية في دائرة فاس الجنوبية المقررة في الـ23 من شهر أبريل الحالي يومها الثالث بعدما انطلقت الأربعاء الأخير أول أيام عيد الفطر، لكن أجواء هذه الحملة بقيت باهتة ولا توحي بوجود انتخابات عكس ما كان يحدث في الانتخابات السابقة.
وتبدو أجواء شوارع و أحياء و مداشر دائرة فاس الجنوبية، والتي يضم نفوذها الترابي، مقاطعات أكدال و جنان الورد و سايس و جماعات أولاد الطيب و عين البيضا و سيدي حرازم، (تبدو) هذه الأمكنة باردة وسط انهماك المواطنين في قضاء شؤونهم المعيشية والبحث عن مواردها، وهو ما قد يدفع البعض من هذه العائلات المعوزة تعرض أصواتها “للبيع”، وذلك في مقابل تحرك كاسح لـ“سماسرة” مرشحي هذه الانتخابات الجاهزة للتحرك بهذه المنطقة ، خصوصا داخل أحزمة الفقر والبؤس جريا وراء أصوات ساكنيها، والبداية ستكون طبعا عبر “قفف الانتخابات” و المساعدات المادية في أبشع استغلال سياسي لهذا النزال الانتخابي، خصوصا إذا لم تتحرك السلطات المحلية لمنع أي اتجار في الانتخابات، وفق ما شدد عليه والي جهة فاس وعامل عمالتها، سعيد ازنيبر خلال حفل استقبال المرشحين لهذه الانتخابات التشريعية الجزئية بدائرة فاس الجنوبية، حيث طالب الأحزاب المشاركة بضرورة التزام الضوابط القانونية لقانون الانتخابات و موانعه خلال الحملة الانتخابية و كذا يوم الاقتراع المقرر في 23 من أبريل الجاري.
من جهة أخرى يتوقع متتبعون ومهتمون بهذه الانتخابات التشريعية الجزئية، حدوث عزوف انتخابي كبير احتجاجا على حصيلة برلمانيي دائرة فاس الجنوبية وكذا نظيرتها الشمالية، والذين فشلوا حتى الآن في عمليات الترافع عن الملفات الكبرى لعمالة فاس والتي يحتضن عاصمة الجهة وجماعات قروية تعاني من الاقصاء المجالي والتنموي، في مقابل النجاحات التي حققتها عمالات أخرى محسوبة على كبريات المدن المغربية.
مواجهة بين مرشح الأغلبية الحكومية ومنافسيهم من المعارضة
بعدما تشبث حزب التجمع الوطني للأحرار بتقديم مرشحه للانتخابات التشريعية الجزئية بدائرة فاس الجنوبية، و فشل القيادات المحلية لحزبي الاستقلال و الأصالة و المعاصرة في اقناع قيادتهم المركزية بتقديم مرشحيهما لهذه الانتخابات، حيث كان إخوان أخنوش السباقون إلى إعلان ترشحهم لهذه الانتخابات، على الرغم من أن المقد المتبارز عليه، كان يخص حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية من المعارضة، و هو ما يسمح لأحزاب الأغلبية الحكومية بالمشاركة بمرشح عن كل حزب، مادام ليس بينهما من خسر المقعد و يحاول استرجاعه، كما وقع سابقا في دوائر سجلت فيها هذه الحالة حيث التزمت حينها أحزاب الأغلبية الحكومية بدعم الحزب المعني بالمقعد البرلماني المطلوب إعادته.
و استنادا لتحليلات المتتبعين، فإن ما وقع في فاس عبر عملية الهروب إلى الأمام خلال هذه الانتخابات التشريعية الجزئية، والتي نفذها حزب التجمع الوطني للأحرار، عبر فرضه “للأمر الواقع” على حليفيه في الاستقلال و”البام”، وما تسبب فيه ذلك من احتجاجات و”غضبات” وسط أعضاء و أنصار الحزبين محليا، ستكون له بحسب المتتبعين، انعكاسات سلبية على مسار مرشح “الأحرار” والذي جرى بداية الأسبوع الحالي إعلانه مرشحا “للأغلبية الحكومية”.
أول مظاهر غضب أعضاء و أنصار حليفي “الاستقلال” و “البام” على مرشح “الأحرار”، عكسها اجتماع الاثنين الماضي، والذي أُعلن فيه منسقو الأحزاب الثلاثة بجهة فاس ضمن الأغلبية الحكومية، عن دعمهم للمرشح التجمعي خالد العجلي، لخوض الانتخابات الجزئية بدائرة فاس الجنوبية، حيث حضر عن حزب الأصالة والمعاصرة، أمينيه الجهوي والإقليمي حجيرة و السليماني، فيما لم يرافقهما لهذا اللقاء عناصر بارزة يبدو أنها غاضبة من “لعبة فرض الأمر الواقع”والتي انفرد بها إخوان أخنوش، وذلك بعدما ظل “الباميو بفاس” يهيؤون الطريق لمرشحهم عبد العالي شينون والذي اشترط حينها معية رفاقه، الحصول على صفة مرشح للأغلبية الحكومية.
أما عن حزب الاستقلال فقد حضر وفق مصادر “الميادين نيوز”، منسقهم الجهوي عبد الواحد الأنصاري، ومفتشة الحزب بمولاي يعقوب فدوى كارم، فيما غاب عن “وفد الاستقلال”في لقاء إعلان الدعم لمرشح “الأحرار”، المنسق الإقليمي بعمالة فاس المعنية بهذه الانتخابات التشريعية الجزئية، عبد الحميد فتاح، و باقي العناصر الوازنة في الحزب بفاس، وهو ما يؤشر على رسالة قد يكون المقصود منها، بان “استقلاليي فاس”غير معنيون بهذه الانتخابات، حيث ستكشف ما تبقى من أيام الحملة الانتخابية حقيقة مواقف حليفي حزب أخنوش في دعمهما من عدمه لمرشح “الأحرار” خالد العجلي والذي أعلنه بيان الاثنين الماضي بفاس، مرشحا “للأغلبية الحكومية”.
من جهة أخرى يواجه مرشح “الأحرار” المدعوم من قبل قيادات التحالف الحكومي، ورقة حارقة تخص أنصار البرلماني التجمعي السابق المعتقل، رشيد الفايق، و الذي يتهم حزبه “بالتخلي عنه” في أحلك أيامه وهو يحاكم في ملف جماعة “أولاد الطيب”، قبل أن يجري تجريده هو الآخر من مقعده البرلماني بسبب غيابه عنه، وهو ما يجعل الفايق و أنصاره الذين اعتادوا تغيير الانتماء السياسي، يجدون في فرصة الانتخابات التشريعية الجزئية، مناسبة لرد “الصاع صاعين” لحزب أخنوش والذي يتهمه مساندو “امبراطور أولاد الطيب المعتقل”، بإسراعه عقب اعتقال الفايق إلى إعلان التخلي عنه و إصدار بلاغ تجميد عضويته بالحزب.
وبخصوص أحزاب المعارضة بالبرلمان، يوجد مرشحان بارزان، الأول مرشح حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، الاتحادي رئيس مقاطعة فاس المدينة، ياسر جوهر، والذي ينتظر منه رفاق لشكر بفاس وفي الرباط، استعادة مقعد البرلماني البوصيري المعتقل، والذي كان وراء خسارتهم لهذا المقعد بمجلس النواب، عقب تجريده من عضويته فيه بقرار من المحكمة الدستورية.
أما المرشح الثاني للمعارضة البرلمانية، فهو محمد خيي مرشح حزب العدالة والتنمية الحاصل على دعم بنكيران وإخوانه بالأمانة العامة لحزب”المصباح” في الرباط، حيث حرص بنكيران خلال حضوره مؤخرا إلى الحاضرة الادريسية لتقديم مرشح حزبه، على دعوة أنصاره و أعضاء حزبه للمشاركة المكثفة في التصويت وكذا الحملة الانتخابية التي تسبق اقتراع 23 أبريل الجاري بدائرة فاس الجنوبية، دعما لمرشحهم محمد خيي نائب الكاتب الإقليمي بفاس ورئيس فريق مستشاري”البيجدي”بمجلس جماعة فاس، وشدد بنكيران حينها في كلمته على أن حزبه وأعضائه “مدعوون للمشاركة المكثفة في هذه الانتخابات البرلمانية الجزئية”، والتي تمنى لها بنكيران بأن تكون كما قال نزيهة، معتبرا مشاركة حزبه بأنها تأتي” حماية للخيار الديمقراطي كأحد ثوابت العمل السياسي المسؤول بالمغرب”، حيث يعول حزب “البيجدي” على ربح مقعد فاس الجنوبية، بعدما مني بخسارة كبيرة خلال الانتخابات الجماعية و التشريعية لشتنبر 2021.
لائحة باقي المترشحين، تضم مرشح رفاق منيب، أسامة أفريد، ومرشح حزب العدالة الاجتماعية رضوان الزاهي، محمد أغواز عن حزب الأمل، أما عن حزب جبهة القوى الديمقراطية، ترشحت المستشارة عن نفس الحزب بمجلس مقاطعة جنان الورد، يسرى المسقي، فيما رشح حزب الحركة الشعبية محاسبا صاحب مشاريع سياحية، رشيد البوخ ، حيث سبق له بأن ترشح باسم حزب”جبهة القوى الديمقراطية” بدائرة كرسيف خلال انتخابات 2021، وهو ما دفع المنسق الاقليمي لحزب”الزيتونة” يتقدم بطعن في ترشيحه أمام لجنة تلقي الترشيحات، قبل أن يشهر مرشح حزب أوزين في وجه الطاعنين في أهلية ترشيحه، قرار استقالته من حزب جبهة القوى الديمقراطية بعد انتخابات 2021، وفق ما كشفت عنه مصادر “الميادين نيوز”.
(( تحذير و تنبيه من الانتحال أو السرقة لمقالات “الميادين نيوز” جزئيا أو كليا))