بموازاة مع ملفات الفساد المالي والتي انخرط المغرب في معركته ضد أبطال هذه الملفات خصوصا من السياسيين والنافذين، آخرها ملف القيادي والوزير الأسبق محمد مبدع المعتقل في فضائح فساد مالي لبلدية الفقيه بنصالح مرورا بزميله كاتب الدولة الأسبق من نفس الحزب محمد الغراس ووصولا إلى عبد النبي بعيوي رئيس جهة الشرق من حزب وزير العدل و زميله سعيد الناصيري رئيس مجلس عمالة الدار البيضاء و المعتقلان على ذمة قضية “المالي إسكوبار الصحراء والاتجار الدولي في المخدرات”، (بموازاة كل هذا) ما يزال المغرب لم يقنع بعد الخارج بصدقية معركته ضد الفساد والتي باتت تتطلب الصرامة في تعاطي المحققين والقضاء مع ملفاتها حتى يطال مبدأ المحاسبة وعدم الإفلات من العقاب جميع المتورطين المفترضين في ملفات الفساد المالي والإداري أيا كان منصبه و موقعه الاجتماعي.
وفي هذا السياق اعتبر عضو المجلس الوطني لـ”ترانسبرانسي المغرب”، عز الدين أقصبي، قضية الفساد بالمغرب، وبناء على 25 سنة من تعقبه لتعاطي المسؤولين المغاربة مع هذا الملف، كما قال، (اعتبر) “الفساد ظاهرة عامة ومعممة، وجزءا من بنية الدولة” وفق تعبيره، حيث جاءت خرجته الإعلامية هذه في كلمة لأقصبي خلال ندوة صحفية نظمت هذا اليوم الثلاثاء 30 يناير الحالي بمقر فرع منظمة “ترانسبرانسي المغرب” في الرباط، والتي كان موضوعها “عرض نتائج التقرير السنوي لمدركات الفساد برسم 2023”.
وشدد مسؤول المنظمة الدولية الحقوقية “ترانسبارانسي”بفرعها في المغرب، على أن “إصلاح الوضع القائم و تطهيره من الفساد والمفسدين، يحتاج للإرادة السياسية الحقيقة، وإصلاحات كثيرة في المؤسسات، وتوفير تشريعات دقيقة، والإعمال الواقعي لتشريعات أخرى كقانون الحق في الحصول على المعلومة”، موضحا بأن“الحملات المرحلية للتطهير والتخليق، وكما أثبت التجارب بالمغرب تنتهي باللاشيء”، في ظل غياب إصلاحات أسياسية دستورية.
و قدم التقرير السنوي لمدركات الفساد ومؤشر الرشوة خلال سنة 2023، عن معطيات بالأرقام تحدثت عن احتلال المغرب للرتبة 97 عالميا و9 عربيا، بـ38 نقطة، مسجلا بذلك تراجعا بـ4 دراجات، عما كان عليه الوضع في السنة الماضية.
وكشف ذات التقرير لمنظمة الشفافية الدولية، عن وجود” ارتباطات وثيقة بين الديمقراطية ومحاربة الفساد”، معتبرة “الدول التي تحتل مراتب متقدمة على مستوى مؤشرات الديمقراطية هي ذاتها التي تحتل المراتب المتقدمة على مستوى الشفافية”
وبخصوص حالة الفساد بالمغرب، شدد تقرير “ترانسبارانسي”على أن “تعقب مسار المغرب بمؤشر الشفافية، منذ سنة 2012، يشير إلى أنه تم تحقيق تحسن ملحوظ سنة 2015، ثم في سنة 2017 حيث وصل للمرتبة 37، قبل أني يهوي ابتداء من سنة 2018”
و عاب نفس التقرير على المغرب، “محدودية مجهوده لمحاربة الفساد”، مؤكدا على أن المعركة ضد الفساد والمفسدين لن تربح إلا من باب ”بناء الديمقراطية و فصل السلط وعلى رأسها القضاء و تعزيز المؤسسات المستقلة القادرة على مراقبة ومجابهة الفسادين”.