لا أحد منا الان يستطيع انكار حجم المأساة والقصص الانسانية التي تصلنا عما يتعرض له الشباب المهاجرين بطريقة غير نظامية عبر البحر الابيض المتوسط، إذ أن كل التقارير الوطنية والدولية التي أجمعت على أن هذا البحر أصبح الطريق الأكثر خطورة التي يستعملها المهاجرين في العالم لم تمنع الشباب المغربي عامة والريفي خاصة من مواصلة الحلم بالخيار الاضطراري للخلاص من واقع مثقل بالهشاشة والتهميش والإقصاء…
إن هذا الحلم الثابت عبر عقود من الزمن رغم الواقع المتغير عبر مجموعة من السياسات العمومية، يعكس حجم الاحباط واللايقين الذي أصبح ينتاب الشباب المغربي منذ عقدين من السياسات التي حاولت ان تلامس المسألة الاجتماعية وايضا السياسات التنموية التنموية التي تعاملت مع قضايا التنمية في شموليتها دون التركيز على فئات اجتماعية حساسة كالشباب.
فالشباب الذين يمثلون فئة اجتماعية لها ما يميزها عن باقي مكونات المجتمع لم يحظو بالرعاية والحماية الاجتماعية اللتين تتطلبهما هذه الفئة الحساسة، وذلك بالرغم من نمو وزنهم في التركيبة السكانية وتنوع حاجياتهم ومتطلباتهم، لم تركز السياسات التنموية على خصوصيات الشباب ومتطلباتهم لتبقى حاجاتهم الفئوية ضمن الحاجات العامة.
ونتيجة لهذا التهميش المتواصل الذي تعرفه فئة الشباب، سيتولد لدى الشباب الشعور بانعدام الأمن الاجتماعي وبضبابية مستقبلهم، وبذلك ستصبح الهجرة بمختلف اوجهها في اعين الكثير منهم حلا وملاذا يسعون من خلاله إلى تجاوز حالة الهشاشة و اللايقين الذي يحيط بمستقبلهم.
إن نشأة مشروع الهجرة غير النظامية لدى الشباب المغربي، يعكس حالة من اللايقين الناتجة عن الهشاشة والفقر والبطالة وغياب الأمن الاجتماعي وانعكاساته السلبية التي تكون مقدمة للانفصال بينه وبين وطنه فيسعا جاهدا الى البحث عن تحقيق احلامه في الضفة الأخرى.
ففي غياب سياسات اجتماعية تعمل على تأهيل الشباب ودمجهم في النسيج الاقتصادي والاجتماعي، أصبح الشباب يعانون من الهشاشة الاجتماعية بمختلف الوانها، وبالتالي يكابد الشباب المغربي بشكل عام والشباب الريفي بشكل خاص قلة او انعدام البرامج المخصصة لهم، وضعف اندماجهم الاجتماعي، الامر الذي يخلق لديهم الحاجة الى الهجرة من اجل ضمان مستقبلهم في بلدان اخرى تضمن لهم الاستقرار والحماية الاجتماعية.