في مشهد يتكرر كل سنة لكن لا يقلّ وطأة، خرج هذا اليوم الجمعة تلاميذ وتلميذات شعبة العلوم الرياضية من امتحان مادة الرياضيات، المحطة الأهم والأكثر رهبة في مسارهم الدراسي. وجوه شاحبة، نظرات تائهة، ودموع حبيسة أو مسكوبة…
شاب انهار باكياً بين ذراعي والده، وآخر لم يبكِ، لا لأنه أقوى من غيره، بل لأن دموعه قد جفت منذ صباح أمس بعد امتحان الفيزياء. أما الأمهات والآباء الذين تكدّسوا أمام بوابات المؤسسات، فكانت نظراتهم مليئة بالقلق والحيرة، كأنهم هم من اجتاز الامتحان… أو ربما اجتازوه فعلاً، بقلوبهم وأعصابهم.
في مساء نفس هذا اليوم، جلس هؤلاء التلاميذ لمادة الفلسفة، وغداً السبت سيختمون هذا الماراثون بمادة علوم المهندس، بعدما قضوا مساء أمس الخميس في رحاب اللغة الإنجليزية. وبين ورقة الامتحان وورقة الحلم، يطاردهم هاجس النتيجة، وعيون الأهل تلاحقهم بصمت وأحياناً بدموع.
نصائح موجهة للآباء والأمهات: التعامل الحكيم في مرحلة مفصلية:
في ظل هذه الأجواء المشحونة، لابد من التذكير ببعض المبادئ الذهبية التي يحتاجها الأبناء أكثر من أي وقت مضى، والتي تبدأ من داخل البيت:
هدوءكم هو قوتهم:
أظهروا الهدوء، حتى وإن كنتم قلقين. تصرفكم المتزن ينعكس مباشرة على نفسية أبنائكم، ويمنحهم شعوراً بالأمان وسط العاصفة.
لا تُقيّموا التجربة من وجهة نظركم:
عبارات مثل “صعب؟ كلشي قال سهل”، أو “علاش ما جاوبتش؟” تُشعر التلميذ بالفشل وتضاعف من توتره. احتووا مشاعره، ولا تجعلوا أداءه معياراً للحب أو القبول.
تذكير مهم: الباكالوريا “مرحلة” وليست “مصيراً”:
النتائج ليست نهاية الطريق. العديد من الطلبة الذين لم يُوفّقوا في الباكالوريا الأولى نجحوا في الثانية، بل وتألقوا بعد ذلك. الأهم هو البناء النفسي السليم.
تهيئة ذكية لما بعد الباكالوريا:
سارعوا إلى مساعدتهم في التخطيط لما بعد الباكالوريا بهدوء ومرونة، خصوصاً التحضير لمباريات: • كلية الطب والصيدلة • المدارس الوطنية للتجارة والتسيير (ENCG) • المدرسة الوطنية للهندسة المعمارية (ENSA) • المدارس العليا للتكنولوجيا (EST) • الأقسام التحضيرية والمعاهد الخاصة…
كل هذه المحطات تحتاج إلى طاقة متجددة، وثقة في النفس، وصحة نفسية مستقرة.
البنات أولاً: صحتهن النفسية ليست تفصيلاً:
فتياتنا أكثر عرضة للضغط، خاصة في مجتمع لا يزال يربط النجاح بالقيمة الذاتية. دعمهن، والاستماع لهن، وتوفير بيئة خالية من المقارنات، أمر في غاية الأهمية.
تجنبوا الحديث المفرط عن “المستقبل المظلم”:
التحذيرات المبالغ فيها، والربط بين “النجاح الدراسي” و”الحياة السعيدة” يُربك التلميذ، ويخلق تصورات سوداوية. الحياة مليئة بالفرص، والنجاح يأخذ أشكالاً متعددة.
كلمة أخيرة:
باكالوريا 2025، ليست مجرد مرحلة، ككل الباكالوريات التي مرت من قبل. لا تجعلوها ثقلاً يحطم أبناءكم، بل جسراً لعبورهم نحو النضج. دعموهم، أنصتوا إليهم، وكونوا سنداً لا عبئاً، فهم لا يحتاجون منكم أكثر من كلمة: “نثق بك، نحن فخورون بك،وستنجح في حياتك، مهما كانت نتيجة هذه الورقة.