يستمر الجدل حول “توبيخ”عامل إقليم سطات، إبراهيم أبو زيد للمدير الإقليمي لوزارة التربية الوطنية عبد العالي السعيدي، وذلك بسبب تأخر تنفيذ صفقة بناء ملاعب خاصة بمؤسسات تعليمية، حيث حدث ذلك في اجتماع رسمي لمجلس العمالة جرت أشغاله مؤخرا، فيما تحول هذا “التوبيخ” إلى “الترند” (Trend) على مواقع التواصل الاجتماعي محققا تصاعدا على السوشيال ميديا تحت وسم “الزمر”، وهي اللفظة التي صدرت عن المسؤول الأول بالإقليم حين خاطب المدير الإقليمي لقطاع التعليم بسطات قائلا له “عامين وما درتي والو (…) يلا مادازتش الصفقة لغيها غدا (…) 6 سنين ومالغيتيهاش علاش؟ (…) لغي الزمر وبين لي بلي راك خدام وجيب لي الشغل مكاد”، مردفا بالقول: “إذا عندك شي خدمة عطيهالي ماعندكش خرج عليا”.
وعطفا على “ترند الزمر” الذي تشكل على مواقع التواصل الاجتماعي بطله عامل إقليم سطات، كتب فاعل تربوي فضل عدم نشر إسمه، مقالا اختار الخروج به عبر جريدة”الميادين”، للرد فيه على مسؤول وزارة الداخلية في القلعة السابقة لوزير الداخلية الراحل إدريس البصري، اختار له عنوان: “إكراهات صفقات البناء وتأثيرها على الواجب التربوي: خارطة طريق لمعالجة التحديات”.
وبناء عليه حرصت”الميادين” على نشر “مقال”الفاعل التربوي، كما توصلت به مع اخضاعه لجميع شروط النشر، وذلك بغرض رفع ما وقع مؤخرا بعمالة سطات إلى دائرة النقاش العمومي الحقيقي حول ما صدر عن هذا المسؤول على نفس الإقليم، و ما أثاره مقطع الفيديو من ردود فعل غاضبة على مواقع التواصل الاجتماعي:
في سياق الإصلاحات الكبرى التي تباشرها وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، وخاصة من خلال تفعيل خارطة الطريق 2022-2026 لإصلاح التعليم، تظل صفقات البناء، التأهيل، والمطعمة واحدة من التحديات التي تواجه المنظومة التعليمية. هذه الإكراهات، بما فيها صعوبة الحصول على رخص البناء وتعقيدات تدبير المشاريع، لا تؤثر فقط على إنجاز البنية التحتية للمؤسسات، بل تمتد لتُضعف تركيز المسؤولين التربويين على مهامهم الأساسية المرتبطة بتحسين جودة التعليم والتربية، مما ينعكس سلبًا على تحقيق الأهداف المنشودة لخارطة الطريق.
الإكراهات وتأثيرها على الواجب التربوي
1. صعوبة الحصول على رخص البناء
تشكل المساطر الطويلة والمعقدة للحصول على رخص البناء عائقًا أمام انطلاق المشاريع. في كثير من الحالات، يؤدي تضارب الصلاحيات بين الجهات المعنية، كالجماعات الترابية والوكالات الحضرية، إلى تأخير تنفيذ البنيات التحتية الضرورية لاستيعاب العدد المتزايد من التلاميذ، مما يعيق تحقيق ركائز خارطة الطريق التي تهدف إلى ضمان مدرسة منصفة ومتميزة.
2. التحديات التقنية والإدارية
متابعة صفقات البناء والمطعمة تتطلب مهارات متخصصة في دراسة التصاميم، إعداد دفاتر التحملات، وتتبع الأشغال بالتنسيق مع المقاولات ومكاتب الدراسات. انشغال المسؤولين الإقليميين والجهويين بهذه الجوانب التقنية يُضعف تركيزهم على الأدوار التربوية المرتبطة بتأطير المؤسسات، دعم التلاميذ، وتنفيذ البرامج التكوينية للأطر التربوية، مما يعيق تفعيل التدابير المحورية لخارطة الطريق.
3. ضعف الكفاءات التقنية داخل المديريات
المسؤولون الإقليميون والجهويون يتمتعون بخبرات تربوية أكثر من تقنية، مما يجعل التعامل مع تعقيدات مشاريع البناء والتأهيل عبئًا إضافيًا يتسبب في تأخر الإنجاز، وهو ما يتناقض مع أهداف خارطة الطريق في تحسين ظروف التمدرس.
4. التأثير السلبي على الجودة التربوية
انشغال المسؤولين بمتابعة المشاريع التقنية يؤثر على دورهم المحوري في تحسين جودة التعلمات، خاصة في ظل خارطة الطريق التي تركز على تعزيز الكفايات الأساسية للتلاميذ، مثل القراءة والكتابة والحساب.
خارطة الطريق كمدخل للحلول
1. تفعيل الشراكات وتعزيز التنسيق
• ضمن محور الإنصاف والجودة: العمل على توقيع شراكات مع الجماعات الترابية والوكالات الحضرية لتسهيل مساطر الحصول على رخص البناء وضمان انسيابية تنفيذ المشاريع.
• تعزيز دور الوكالة الوطنية للتجهيزات العامة في الإشراف الكامل على المشاريع البنائية، بما في ذلك إعداد التصاميم والدراسات التقنية، مع التركيز على تسريع الإنجاز.
2. إحداث وحدات تقنية متخصصة
• ضمن محور تعزيز القدرات التدبيرية: إنشاء وحدات تقنية داخل المديريات الإقليمية تضم خبراء في الهندسة المدنية والبناء لإدارة المشاريع بشكل احترافي. هذا الإجراء سيُمكن المسؤولين التربويين من التركيز على أدوارهم التربوية الأساسية.
3. رقمنة المساطر وتقليص البيروقراطية
• ضمن محور الحوكمة والابتكار: تطوير منصة رقمية متكاملة لتتبع مشاريع البناء، تتضمن إجراءات الحصول على الرخص، وتتبع مراحل الإنجاز بالتنسيق مع مختلف المتدخلين. هذا الحل سيسهم في تبسيط المساطر وتقليل التأخير.
4. برامج التكوين المستمر
• ضمن محور تعزيز الكفايات: تنظيم دورات تكوينية لفائدة المسؤولين التربويين في مجالات البناء وإدارة المشاريع، بما ينسجم مع أهداف خارطة الطريق في رفع قدرات الموارد البشرية.
5. تبني مقاربة استباقية في التخطيط
• إعداد خطة استباقية لتحديد الحاجيات من البنيات التحتية بناءً على توقعات التزايد الديمغرافي وتوزيع التلاميذ، بما ينسجم مع خارطة الطريق التي تؤكد على التخطيط المحكم لضمان استدامة الإصلاحات.
نمادج ممارسات جيدة
• التجربة السنغافورية: تعتمد على رقمنة شاملة لإدارة مشاريع البناء، مع تكوين المسؤولين على المستويين التربوي والتقني لضمان تنفيذ المشاريع بجودة عالية وفي وقت وجيز.
• النموذج الفنلندي: تفويض المشاريع البنائية لشركات متخصصة بالكامل، مما يسمح للمسؤولين بالتركيز على الأهداف التربوية والتعليمية.
هذا و تمثل إكراهات صفقات البناء والمطعمة، بما فيها صعوبة الحصول على رخص البناء، تحديًا يؤثر بشكل مباشر على الأدوار التربوية للمسؤولين الجهويين والإقليميين، ويعيق تحقيق أهداف خارطة الطريق 2022-2026. إن معالجة هذه الإشكالات تتطلب رؤية متكاملة تشمل تبسيط المساطر، تعزيز الكفاءات، وتفعيل الرقمنة، إلى جانب تعزيز التنسيق بين مختلف المتدخلين. من شأن هذه الإجراءات أن تُمكن المنظومة التعليمية من التركيز على مهمتها الأساسية: تكوين أجيال قادرة على مواجهة تحديات المستقبل.