تقرير حصري: ذبيحة العيد واختلالات في التدبير وراء إعفاء الوالي الجامعي.. إعفاءات موازية بالجملة بعمالة فاس

زلزال إداري وسياسي عاشته ولاية جهة”فاس-مكناس”ومثيلتها بجهة مراكش، وذلك عقب البرقية التي نزلت كالصاعقة صباح هذا اليوم الأربعاء بدواوين الولايتين، حاملة قرارات صارمة تعفي الواليين معاذ الجامعي وفريد شوراق من مهامهما والحاقهما بالمقر المركزي لوزارة الداخلية، فيما همت الإعفاءات بحسب مصادر”الميادين نيوز”عددا من المسؤولين الكبار بكل من ولاية فاس ونظيرتها في مراكش.

فاس..إعفاء الجامعي بعد أقل من 8 أشهر من تنصيبه :

بعد مرور أقل من 8 أشهر عن تعيينه على رأس جهة “فاس- مكناس” قادما إليها من الجهة الشرقية والتي اعتبر حينها غدد من فاعليها الاقتصاديين والسياسيين والإعلاميين رحيله عن وجدة جزء من الحل “لمستنقعها” المليء بالاختلالات، وجد الوالي معاذ الجامعي المتحدر من مدينة فاس، نفسه في مواجهة غضبة ملكية وأخرى من مصالح وزارة الداخلية وهو لم يكمل بعد الخطوات الأولى من وَطْأَةِ القَدَمِ على أرض الحاضرة الإدريسية غير مخلف أي أثر عليها.

فالخطوات التي قادت الوالي الجامعي يوم عيد الأضحى أي السبت الماضي لأداء صلاة العيد بمصلى المرنيسي، كانت بمثابة الخروج غير الموفق، والذي أنهى المسار القصير والقياسي لهذا المسؤول على رأس أهم وأكبر الجهات بالمغرب، بعدما قضى على كرسي المسؤولية أقل من 8 أشهر فقط، حتى أن الإقامة المخصصة له بمحاذاة القصر الملكي العامر بفاس الجديد، لم تنتهي فيها بعد أشغال الترميم والإصلاح عقب مغادرتها من قبل الوالي السابق سعيد ازنيبر في 18 أكتوبر 2024 .

صلاة وسط أعيان المدينة وعملية ذبح أعقبت الصلاة لخروفين من العيار الثقيل جرى نقل أحدهما على متن صهوة جواد مغربي أصيل، ضمن طقوس مخزنية، كانت وراء الغضبة الملكية على الوالي الجامعي المتهم بعدم الامتثال للقرار الملكي، وذلك في تصرف متهور من هذا المسؤول الأول على جهة فاس- مكناس والذي وقع في الخطأ المهني الجسيم، كان ثمنه إعفاءه والحاقه بدون مهمة بمقر وزارة الداخلية كتدبير تأديبي.

ولاية فاس..إعفاءات بالجملة :

يبدو أن زلزال الغضبة الملكية على الوالي الجامعي طالت ضمن تصريف إداري لمصالح وزارة الداخلية، قرارات تأديبية وإعفاءات جماعية همت عددا من المسؤولين الكبار بولاية جهة فاس وعمالتها، والذين جرى اعفاؤهم من مهامهم بحكم تقاسمهم للمسؤولية الجماعية المرتبطة بالخطأ الجسيم الذي وقع فيه الوالي معاذ الجامعي.

ويتعلق الأمر وفق المعطيات التي حصلت عليها”الميادين نيوز”، بكل من الكاتب العام للولاية والعمالة بفاس، مدير ديوان الجامعي، شريف بن الشريف، وكذا المسؤول عن البرتوكول بالولاية زيادة عن رئيس قسم الشؤون الداخلية وزميله رئيس قسم الجماعات المحلية، فيما تسود وسط باقي المسؤولين والموظفين بمختلف الأقسام والمصالح بنفس العمالة،حالة ترقب وقلق في انتظار انتهاء الزلزال الإداري وارتداداته،تُورد مصادر”الميادين”

تقارير سوداوية سبقت غضبة اعفاء الوالي الجامعي :

كشف مصادر متطابقة عليمة”للميادين”،بأن سقوط الوالي الجامعي بسبب الغضبة الملكية على احتفائه بشعيرة نحر أضحية العيد في تعارض مع القرار الملكي، ليس سوى عملية سبقت وقتها بأسابيع، ذلك أن والي فاس كانت كل المؤشرات تدل على قرب نهايته على رأس هذه الجهة، والسبب أخطاء مهنية وإدارية في تعاطيه مع عملية تدبير شؤون هذه الجهة،بعد خروجها من براثين الوالي السابق سعيد ازنيبر والذي ظل آثما على روحها لآزيد من 9 سنوات مرت كمرحلة بيضاء فارغة من كل شيء.

وأوضحت مصادر”الجريدة”أن ما كان ينشر من تقارير صحفية حول الاختلالات التي رصدتها “الميادين نيوز”على الخصوص في عدة مجالات ترتبط بالسياسات العمومية والشؤون المحلية للمجالس المنتخبة والمنتخبين ومسؤولي الإدارات العمومية، عززتها تقارير سرية لأجهزة الاستعلامات والمخابرات، كلها صبت في اختلالات تحملها الوالي الجامعي في تدبيره لشؤون عاصمة الجهة على الخصوص، والتي تتهيأ لاحتضان فعاليات تظاهرات دولية.

فالوالي معاذ الجامعي المعفي من مهامه، كان قد دخل خلال عملية تنصيبه في 18 أكتوبر 2024،على مشاريع مهيكلة جاهزة رُصدت لها 12مليار درهم،حيث عول عليه حينها وزير الداخلية ضمن تعليمات ملكية كشف عنها الوزير في مراسيم التعيين، لجعل جهة فاس قطبا اقتصاديا وسياحيا ومعالجة أعطاب المشاريع المتعثرة على عهد ازنيبر وإدارته، وعلى رأس هذه المشاريع المهيكلة،  أوراش البنيات التحتية(الطرق، وسائل جديدة للنقل الحضري والجماعي، والتجهيزات الرياضية، والصحة والحماية الاجتماعية وكذا مشاريع البرنامج الاستراتيجي لتأهيل الجهة في مشاريع التنمية.

من جهة أخرى تحدثت مصادر أخرى متطابقة”للميادين”، عن تقارير سرية تخص”الانفتاح السلبي” غير المؤطر وقع فيه الوالي الجامعي المعفي، ضمن علاقاته بعدد من الفاعلين، منها تدخله في عملية اكتتاب مالي ضخم لفائدة فريق رياضي،أبطاله أعيان بالمدينة وسياسيون استغلوا مالهم المكتتب والمقدم لأغراض سياسية وانتخابوية،فضلا عن نشره لنوع من”الميوعة”بالإدارة يطغى عليها المرح، حيث بات يشتهر الجامعي وسط من يتعامل مهم من سياسيين وفاعلين جمعويين وأعيان نافذين بلقب صاحب الضحكة المثيرة”هاهاها..هاهاها”، وهو ما أثار كثيرا من التساؤلات حول الطريقة التي يمكن للوالي وهو على هذه الحال، بأن يدبر بها الانتخابات المقبلة بمدينة تشتهر وسط السياسيين بقوة “حلبتها الانتخابية”.

 هل تحققت رؤية “الميادين”..(الجامعي وازنيبر وجهان لعملة واحدة؟)

اعفاء الوالي الجامعي بعد قضائه لأقل من 8 أشهر على كرسي ولاية جهة فاس وعمالتها، كان قد سبقه مقال تحليلي نشرته “الميادين” قبل تنصيب الجامعي في 18 أكتوبر 2024 خلفا لزميله ازنيبر، حيث تساءلت حينها الجريدة في مقالها،”هل سيكون الجامعي و ازنيبر ..وجهان لعملة واحدة ؟”.

وكتبت “الميادين”حينها في هذا المقال أي قبل 8 أشهر من الآن، بأن تعيين الجامعي واليا بفاس جاء بعدما قضى أزيد من 7سنوات واليا على جهة الشرق وعاملا لعمالة وجدة- أنكاد، حيث واجه الجامعي طيلة جلوسه على كرسي المسؤول الأول على هذه الجهة منذ تعيينه عليها في الـ29 من شهر يونيو 2017 حتى أكتوبر 2024 ،(واجه) وفق تقارير صحفية وتصريحات عدد من الفاعلين السياسيين والمجتمع المدني بجهة الشرق،انتقادات قوية حول طريقة تدبيره لشؤون الدراع الشرقي للمملكة، مما جعل أصواتا ترفع هناك منذ مدة، طالبت برحيل الوالي الجامعي،معتبرين خروجه من الجهة الشرقية  جزء أساسيا من حل مشاكل الجهة في مجال التنمية وغيرها.

وبنفس الصورة ظهر عليها والي فاس السابق، السعيد ازنيبر، والذي تعرض هو الآخر منذ أن وطأت قدماه أرض الحاضرة الإدريسية وجهتها في 5 أكتوبر 2015  حتى 18 أكتوبر 2024، (تعرض) لانتقادات قوية من قبل ساكنة مدينة فاس وسكان باقي أقاليم الجهة، بسبب توقف آليات التنمية على عهده، كما يقول منتقدوه، فيما واجهته الصحافة وتقاريرها بصورة قاتمة عن حصيلته، وذلك بسبب تأخر مدينة فاس بشكل كبير ولافت عن ركب مثيلاتها من كبريات المدن المغربية.

فهل ستحظى جهة فاس بتعيين والي جديد قادر على التعاطي مع تطلعاتها لتكون قطبا اقتصاديا وسياحيا،وكذا مسايرته لتحديات هذه الجهة وعاصمتها؟

((تحذير من السرقات الأدبية..جميع حقوق النشر محفوظة”للميادين”))