ضمن عملية استمرار إطلاق”النيران الحكومية الصديقة”، يبدو أن كل محاولات الحفاظ على التماسك الحكومي حتى نهاية ولايتها باتت مهمة صعبة لدى مكوناتها الثلاث، حيث لا تكاد تنطفئ شعلة أزمة حكومية حتى تشتعل أخرى خصوصا مع اقتراب الانتخابات البرلمانية لشتنبر2026 ، آخر فصول المواجهة الحكومية الآخذة في الارتفاع،وذلك على الرغم من محاولات تبريدها كل مرة كما حصل في ملف مستوردي الأغنام والذي غرق فيه حزب التجمع الوطني للأحرار الذي يقود الحكومة، اختار رئيس نفس الحزب مناسبة التجمع الجماهيري بمدينة الداخلة أول أمس السبت، ليوجه مدفعيته الثقيلة صوب نزار بركة الوزير في حكومته والأمين العام لحزب الاستقلال، حليف “الأحرار” في الحكومة.
و في خضم حديثه عمن سماهم”بالمخربقين”في السياسة، انفجر أخنوش رئيس الحكومة والحزب الذي يقودها، في وجه نزار بركة ، حيث قال مخاطبا إياه ” أنت كذاب.. ومافاهم والو”.
وأوضح أخنوش في كلمته أمام أنصاره في الداخلة، بأن الأمر يتعلق كما قال، “بمسؤول سياسي ووزير، قام بتغليط الناس بخصوص 440 مليون درهم لدعم استيراد اللحوم، ومابين 1300 مليار سنتيم ديال الربح إل تعطات”.
وزاد أخنوش منتقدا نزار بركة، “واش هذا كذب أو أنك مافاهمش، أو درتيهوم بجوج”، ليختم هجومه على نزار بركة بقوله “هذا عبث سياسي”.
وجاء خروج رئيس الحكومة أخنوش من مدينة الداخلة أول أمس السبت والتي احتضنت نشاطا جماهيريا لحزبه، التعبير عن غضبه من خرجة حليفه في الأغلبية، نزار بركة، الأمين العام لحزب الاستقلال، في أبريل الماضي حين اتهم في لقاء حزبي في جماعة أولاد فرج بإقليم الجديدة، المضاربين في الأسعار بالسعي نحو الربح الكبير في المواد الأساسية، رغم الدعم الذي خصصته الحكومة لاستيراد عدة مواد، وخاطبهم قائلا:«اتقوا الله في المغاربة، وباراكا ما تاكلوا فلوسهم، نقصوا من هوامش الربح ».
وسبق لنزار بركة ورياض مزور بأن فضحا”اختلالات”دعم استيراد الأبقار والأغنام والتي تسببت في تبديد أموال عامة، أبطالها مستوردون يوجد من بينهم برلمانيون من “الأحرار” استفادوا من إعفاء ضريبي من خلال إلغاء الرسوم الجمركية على استيراد الابقار والأغنام، وهو الإعفاء الذي كلف خزينة الدولة بحسب الأمين العام لحزب الاستقلال و وزيره في الصناعة والتجارة، رياض مزور، 13 مليار درهم، أي ما يعادل (1300 مليار سنتيم) دون أن ينعكس ذلك على أسعار اللحوم الحمراء التي شهدت ارتفاعا غير مسبوق، ما أثار جدلا واسعا حول جدوى هذه التدابير ومدى استغلالها لمصالح شخصية، فيما كشف الوزير الاستقلالي مزور بوجود نحو 18 مضاربا يتحكمون في سوق اللحوم الحمراء، عملوا على تضخيم هوامش الربح بشكل غير مسبوق.
من جهته ناب رشيد الطالبي العلمي، القيادي بحزب “الأحرار” رئيس مجلس النواب باسمه، في الدفاع عن رئيس الحكومة أخنوش في خروج إعلامي خلال استضافته من قبل”مؤسسة الفقيه التطواني”، حيث شدد حينها على أن المبلغ الحقيقي الذي تم تخصيصه لعملية استيراد الأغنام والأبقار لا يتعدى 300 مليون درهم، في حين تحدث أخنوش من الداخلة عن 440 مليون درهم كرقم حقيقي كما قال، في مقابل اعتراف العلمي بتسويق الرأس الواحد من الغنم المستورد بمبلغ يتراوح بين 4000 و4500 درهم، مردفا بأن المستوردين الذين حصلوا على دعم استيراد المواشي، لم يتجاوز عددهم 100 مستورد، وأن المبلغ الذي صرف لهم من الميزانية العامة، كما هو موثق بالوثائق، هو 300 مليون درهم فقط.
في الثابت الآن بعد اتهام أخنوش لبركة بالكذب وعدم فهمه لما يجري في التدبير الحكومي، هو أن رد أخنوش وقبله الاتهام الصادر عن الوزيرين الاستقلاليين نزار بركة ورياض مزور بخصوص “الدعم العمومي للمواشي”، قد أماط اللثام عن عدة متناقصات تسود وسط مكونات الحكومة، ومدى اطلاع كل حزب من أحزابها الثلاثة على كل تفاصيل ملفات الشأن العام التي تدبرها، حيث فضحت “خرجة”أخنوش من الداخلة، حقيقة مفادها أن “الحكومة تدار من نواة محددة والباقي مجرد مؤثث للحكومة”، ولعل هذا ما اختزلته، بحسبب المتتبعين، الرسالة الواضحة للجميع الني أرسلها أخنوش وقبله الطالبي العلمي، تفاصيلها هي أن نزار البركة لا يعلم ما يجري داخل الحكومة، وكل ما يتوفر عليه هو وغيره من خارج دائرة الأحرار ما هو إلا استراق للسمع..