ارتفعت حصيلة ضحايا حرائق غابات منطقة القبائل التي اندلعت منذ الإثنين بالجزائر، حسب ما أعلن عنه الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في منشور له على صفحته الرسمية بالتويتر، إلى خمس وستين قتيلا، منهم ثمان وعشرون عسكريا ممن لقوا حتفهم أثناء مشاركتهم في عمليات إخماد الحرائق بكل من ولايتي تيزي وزو وبجاية. تبعا لذلك، أعلنت الرئاسة الجزائرية حالة حداد على ضحايا الحرائق وعملت على تجميد أنشطتها الحكومية لمدة ثلاثة أيام.
هذا، وأشارت وزارة الدفاع الجزائرية إلى إصابة عدد آخر من الجنود يقدر باثني عشرة عسكريا أصيبوا بجروح متفاوتة الخطورة خلال مكافحتهم للحرائق، فيما تم إنقاذ حياة مائة وعشر مواطنين من نساء ورجال وأطفال حاصرتهم النيران.
وحسب ما أفادت به المديرية العامة للحماية المدنية بالجزائر أمس الثلاثاء، فإن عدد الحرائق بالبلاد ارتفع إلى ثلاث وسبعين حريقا سجل عبر أربع عشرة ولاية، أبرزها جيجل، البويرة، سطيف، خنشلة، قالمة، بجاية، تيارت وعين صالح، تمكنت السلطات من السيطرة على أربع عشرة حريقا منها في غابات ولاية تيزي وزو، مفيدة بأن تعزيزات الحماية المدنية وصلت إليها من تسع ولايات مجاورة للمنطقة للمساعدة في إخماد ما تبقى من الحرائق، وفضلا عن هذه الإعانات المحلية، طالبت الحكومة الجزائرية المساعدة من المجتمع الدولي، كما أشار إلى ذلك رئيس الوزراء الجزائري أيمن بن عبد الرحمن، وبأن الحكومة تجري محادثات مع شركائها الأوروبيين لاستئجار طائرات لإطفاء الحرائق.
وأعلنت إدارة الغابات الجزائرية عن إخماد ثمانين حريقا في ولاية تيزي وزو، في حين أن الجهود متواصلة لإخماد ثلاث وعشرين حريقا آخر، مشيرة إلى أن هذه الحرائق أتت على حوالي عشرين ألف هكتار بالولاية.
وفي ولاية قالمة، شمال شرق البلاد، نشبت سبع حرائق عبر عدة بلديات، تسببت في خسائر حيوانية قدرت بحوالي ثمان وستين رأسا من الغنم، وخسائر نباتية تمثلت في إتلاف مائة وأربعين شجرة مثمرة من أشجار زيتون، وتفاح، ورمان، وتين، في حين أنجم الحريق الذي حصل بولاية جيجل شرق البلاد، عن احتراق مساحة إجمالية تقدر بحوالي عشرين ألف متر مربع من الأعشاب والأحراش والقصب وأشجار الميموزا.
كما شب حريق بغابة القعدة الواقعة بالقرب من بلدية فرندة بولاية تيارت شمالي الجزائر، أتى على أكثر من 2 كلم مربع من الأشجار والأحراش، حيث عملت عناصر الحماية المدنية لكل من بلدية فرندة والوحدة الرئيسية بمدينة تيارت على إخماد الحريق مستعينة بعدد من شاحنات إطفاء الحريق، ومشاركة عدد من المواطنين لمحاصرة النيران، وأسفر حريق بستان نخيل بمنطقة البركة بمدينة عين صالح وسط الجزائر عن احتراق حوالي 300 نخلة.
سجلت مصالح الحماية المدنية لولاية البويرة شمال البلاد تسعة تدخلات في حرائق الغطاء النباتي، أهمها حريق بأولاد ناصر ببلدية عمر الذي أتلف حوالي 40.000 متر مربع من الحشائش الجافة، وحوالي 600 شجرة زيتون. كما نشب حريقان ببودربالة أدى إلى احتراق حوالي 10.000 متر مربع من الحشائش الجافة، وخمسين شجرة. كما تم تسجيل حريقين بتفركة ببلدية تاغزوت نجم عنه احتراق 30.000 متر مربع أدغال وخمس عشرة شجرة، وآخر بواد الأربعاء أدى إلى احتراق 50.000 متر مربع حشائش جافة ومائة شجرة.
أما في ولاية تيزي وزو، فلم يقتصر الأمر على الحرائق المهولة التي نشبت بغابات المنطقة، فقد شهدت الولاية مساء الثلاثاء فاجعة جديدة، تمثلت في وفاة أسرة مكونة من خمسة أفراد إثر انفجار محطة بنزين في منطقة أزرو ثاورارين بعين الحمام التابعة لولاية تيزي وزو، وكان الهالكون يتواجدون في السيارة لحظة انفجار محطة البنزين، أثناء محاولتهم الهروب من الحرائق التي حلت بالمنطقة، وقامت مصالح الحماية المدنية بنقل جثث الضحايا إلى مصلحة حفظ الجثث بالمستشفى المحلي، فيما فتحت المصالح الأمنية تحقيقا في الحادث.
ولا تزال التحقيقات متواصلة بشأن الحرائق التي نشبت في مناطق الشمال الشرقي للجزائر، حيث أن والي ولاية المدية، جنوبي العاصمة الجزائرية، كان قد كشف أن مصالح الدرك الوطني ألقت القبض على ثلاث أشخاص اشتبه في تورطهم في عملية إضرام النار في إحدى غابات الولاية، مضيفا بأن المشتبه فيهم متواجدون حاليا قيد التحقيق.
من جهته، قال وزير الداخلية الجزائري، كمال بلجود، بأن جميع الأدلة الأولية لهذه الحرائق تشير إلى أن وراءها فعلا إجراميا نظرا لاشتعالها في أوقات متزامنة، كما أكد على ذلك الوزير الأول الجزائري، أيمن بن عبد الرحمن، موضحا بأن المناطق التي نشبت فيها الحرائق بولاية تيزي وزو، تم اختيارها بدقة لإضرام النار فيها، نظرا لسرعة انتشار النيران، وصعوبة إخماد الحرائق بها.
يذكر أن الرئيس الجزائري كان قد أمر في جلسة لمجلس الوزراء في 25 يوليو، بصياغة مشروع قانون يعاقب المسؤولين عن إشعال الحرائق في الغابات، بعقوبات تصل إلى ثلاثين سنة في السجن، والسجن مدى الحياة في حال تسبب الحريق في إزهاق أية أرواح.