تتوالى الأحداث لتؤكد أن تضارب المصالح مفسدة للسياسة في هذه البلاد، وأن الراغبين في جمع الثروة عليهم أن يضعوا مسافة مع مؤسسات الدولة وخاصة الحكومة، لكي لا يقحموا منطق التجارة، في تدبير الشأن العام، لأن الثروة و إن كانت ثروتهم، فإن الحكومة وباقي المؤسسات في ملك جميع المغاربة في حاضرهم وفي مستقبلهم.
أجدد الحديث في هذا الموضوع وأنا أتابع كيف أن أسعار المحروقات سجلت انخفاضا مفاجئا في محطات التوزيع، بحوالي 60 سنتيم يوم الجمعة 15 أبريل 2022، لكن عند الرجوع الى السوق المرجعي بالنسبة لنا، وهو روتردام، نجد أن سعر البرميل لم يسجل انخفاضا ذا تأثير، منذ 1 أبريل الذي بلغت فيه أسعار المحروقات عندنا مستويات قياسية ناهزت 15 درهم، بحيث أن ثمن البرميل سجل معدل 100 دولار طيلة هذه الفترة، وهذا يعني أنه كان من المفروض أن يرتفع ثمن اللتر من الغازوال او البنزين عندنا في المغرب، أو يستقر في الثمن نفسه، طبعا وفق التبريرات التي تقدمها عادة شركات المحروقات ومسيروها في الحكومة، وخدامها في مؤسسات سياسية واعلامية، أما بالنسبة الينا فنحن مع التخفيض، ومتأكدين أن الأسعار الحالية غير معقولة وان التخفيض يجب أن يكون بالدراهم وليس بالسنتيمات فقط.

عند التدقيق، نجد أن هذا الانخفاض المفاجئ في أسعار المحروقات، المسجل يوم الجمعة، له علاقة بالجلسة الشهرية لرئيس الحكومة بمجلس النواب ليوم الإثنين 18 أبريل، والهدف طبعا هو توفير ظروف مرورها كما يريد رئيس الحكومة الفاعل الرئيسي في سوق المحروقات في المغرب بنسبة لا تقل عن 43 في المائة.
إذا نحن أمام محاولة من الفاعل الرئيسي في سوق المحروقات، لتمويه الرأي العام وإعداده للتصفيق في الجلسة الشهرية لوجهه الآخر الذي هو رئيس الحكومة، بمجلس النواب يوم الاثنين 18 أبريل 2022.
طيب، على كل نثمن هذا التخفيض، لكن على رئيس الحكومة أن يخبرنا كم سيدوم، هل مفعوله سيزول مباشرة بعد اختتام جلسته الشهرية بمجلس النواب يوم 18 أبريل، أم سيستمر ليوم آخر او أسبوع او اقل أو أكثر، وهل هناك تخفيضات أخرى أم أن “السخاوة” ستقف عند 60 سنتيم فقط؟
هل مازلنا في حاجة لدليل اضافي على أن حكومة 8 شتنبر هي حكومة تضارب المصالح بامتياز؟
