بعد التضامن المبدئي مع السيدات والسادة نساء ورجال التعليم على ما لحق البعض منهم، بسبب خوضهم أشكال احتجاجية رأوا أنها كفيلة بتذكير الأحزاب المشكلة للحكومة، بوعودها المعسولة خلال فترة الانتخابات، لابد من فتح قوس – أتمنى أن يُغلق قريبا- يتعلق بسير الدراسة في مؤسسات التعليم العمومي.
يجب أن ننتبه إلى أن الدراسة انطلقت هذا الموسم متأخرة بشهر على الأقل، بعد موسم ونصف من الارتباك الذي فرضته جائحة كوفيد 19، لذلك كان من الضرورة الوطنية أن يتم اتخاذ كافة الاحتياطات لضمان السير العادي للدراسة، ومنع كل ما من شأنه أن يوقفها أو يربكها، وخاصة فيما له علاقة باضرابات نساء ورجال التعليم.
أثير هذا الموضوع بعد أن رصدت شخصيا، حوالي 50 يوما من الاضراب المعلن عنه من طرف النقابات والتنسيقيات الفئوية لرجال ونساء التعليم، ودون أن أدخل في السجال حول مدى مشروعية كل المطالب، فإن هذا العدد الكبير من الاضرابات، والموسم الدراسي انتصف للتو، يؤشر على الكثير من القلق ازاء السير العادي للدراسة، وعلى حقيقة استفادة التلاميذ من حقهم في التعلم، الذي تبقى الحكومة المسؤول الأول عنه.
ما نتوصل به من شكايات وطلبات تدخل، سواء من بعض فئات نساء ورجال التعليم، أو من طرف جمعيات آباء وأمهات التلاميذ، ينذر بموسم صعب، يذكر بالمواسم التي كان فيها الموسم الدراسي عبارة عن أيام اضراب تتخللها أيام دراسة، سنة 2011 وما قبلها.
لذلك على الحكومة او من يعنيه الأمر داخلها، العمل على انقاذ الموسم الدراسي، خدمة للمصلحة الفضلى للمتعلمين، من خلال فتح حوار جاد ومسؤول تراعي فيه جميع الأطراف الاكراهات الموضوعية، والآثار السلبية لاستمرار حالة الاحتقان في قطاع مهم ومحوري، حالة الاحتقان هاته، تتزامن مع موجه غلاء أسعار المحروقات والمواد الاساسية الأخرى مع ما يعنيه ذلك من ارباك للسلم الاجتماعي.
ولعل موضوع التعاقد من المواضيع ذات الأهمية في هذا الصدد، بحيث مايزال يعرف بعض الإشكالات التي تتطلب حلولا تحفظ كرامة الأساتذة وتضمن لهم مسارا ومستقبلا مهنيا لا تشوبهما أي شائبة، بعيدا عن سياسة بيع الوهم التي لجأت إليها احزاب الاغلبية الحكومية خلال الحملات الانتخابية، وبعيدا كذاك عن سياسة ذر الرماد في العيون التي لجأت اليها الحكومة، وهي تسارع الى اعلان اتفاق “اعلان النوايا” مع بعض النقابات التعليمية، في استعراض احتفالي بمناسبة مرور 100 يوم على تنصيبها.
مع الأسف، هذه الحكومة، عوض أن تعترف ببيعها للوهم، وتكفّر عن خطئها بتسوية المشاكل العالقة في موضوع التعاقد، لجأت الى القمع والمحاكمات، ورغم أننا من أنصار احترام القانون من طرف الجميع، الا أن اللجوء الى الترهيب والتخويف لن يكون حلا في يوم من الأيام، كما لم يكن كذلك في السابق.
من جهتنا في المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، سنواصل مهامنا الرقابية، وسنسائل الوزير المعني، ونبحث مع باقي مكونات المعارضة وكل الغيورين، سبل المساهمة في تجاوز هذه الوضعية التي لا تليق ببلادنا ولا تليق بمستقبل تلامذتنا، ولا تليق كذلك بالمكانة التي يفترض أن يحتلها رجال ونساء التعليم.